كجعل ذلك شغلاً لنفسه ، وليس من باب أن النقل عن الضعيف ولو في مورد واحد أو موردين مذموم وموجب للقدح عندهم ، كيف وقد عرفت أن الموثق قد ينقل عن الضعيف فلا يمكن عدّة قدحاً في حقه وإلاّ لزم القدح في أكثر الرواة الأجلاّء ، بل جلّهم حيث لا يكاد يوجد رأو لم يرو عن الضعيف ولو في مورد ، ومعه لا مانع عن أن ينقل أحمد بن محمد عن عثمان أو أبي بكر الضعيفين من دون أن يكون لنقله دلالة على وثاقتهما. فالإنصاف أن الرواية ساقطة سنداً.
فالعمدة في المسألة صحيحة زرارة وموثقة عمار المتقدمتين. ويعارضهما صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال : « سألته عن الأرض والسطح يصيبه البول وما أشبهه هل تطهر الشمس من غير ماء؟ قال : كيف يطهر من غير ماء » (١).
والصحيح أنه لا تعارض بينها وبين الصحيحة والموثقة ، وذلك أن السائل لما ارتكز في ذهنه أن الشمس سبب في تطهير المتنجِّس في الجملة ومن هنا قال : هل تطهر الشمس من غير ماء ، وشك في أنها سبب مستقل في طهارة الأرض أو السطح المتنجسين أو أن لها شرطاً ، سأله عليهالسلام عن استقلال الشمس في المطهرية وعدمها ، والإمام عليهالسلام بيّن أن الشمس باستقلالها غير كافية في التطهير بل هي محتاجة إلى قيد آخر وهو الماء ، فالصحيحة إنما تدل على اعتبار الماء في مطهرية الشمس ، لا أنها تنفي مطهريتها لتكون معارضة للصحيحة والموثقة المتقدمتين. ثم إنه لما لم يحتمل أن تمس الحاجة إلى الشمس وإصابتها بعد تطهير السطح أو الأرض بالماء تعيّن أن يراد به المقدار القليل غير الموجب للتطهير ، كما وأن الصحيحة يستفاد منها أن موردها الأرض اليابسة ، ومن هنا دلت على اعتبار وجود الماء في تطهيرها بالشمس. فتحصل : أن الصحيحة غير معارضة للروايتين المتقدِّمتين.
وإن شئت قلت : إن مقتضى إطلاقها عدم المطهرية عند عدم الماء سواء أكانت الأرض رطبة أم لم تكن ، ومقتضى صريح الصحيحة المتقدِّمة لزرارة طهارة الأرض الرطبة باشراق الشمس وتجفيفها ، والنسبة بينهما عموم مطلق ، فبها تخرج الأرض
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٥٣ / أبواب النجاسات ب ٢٩ ح ٧.