للطهارة أو لا تحصل به الطهارة فلا بد من الرجوع إلى الإطلاق المتقدم ذكره ومقتضاه الحكم ببقاء النجاسة وآثارها.
إذا عرفت ذلك فنقول : الصحيح اعتبار العصر في الغسل ، وذلك لأنه مفهوم عرفي لم يرد تحديده في الشرع فلا مناص فيه من الرجوع إلى العرف وهم يرون اعتباره في مفهومه بلا ريب ، ومن هنا لو أمر السيد عبده بغسل شيء ولو من القذارة المتوهمة كما إذا لاقى ثوبه ثوب رجل غير نظيف ، لا يكتفي العبد في امتثاله بإدخال الثوب في الماء فحسب ، بل ترى أنه يعصره ويخرج غسالته. على أنّا لو تنزلنا عن ذلك فلا أقل من أنّا نشك في أن العصر معتبر في مفهوم الغسل الذي به ترتفع نجاسة المتنجِّس أو لا اعتبار به ، وقد عرفت أن المحكّم حينئذ هو الإطلاق وهو يقتضي الحكم ببقاء القذارة إلى أن يقطع بارتفاعها كما إذا عصر.
وتؤيد ما ذكرناه حسنة الحسين بن أبي العلاء « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الصبي يبول على الثوب؟ قال : تصب عليه الماء قليلاً ثم تعصره » (١) والوجه في جعلها مؤيدة أن الجملة المذكورة في الحديث مسبوقة بجملتين حيث سئل عليهالسلام عن البول يصيب الجسد؟ قال : صبّ عليه الماء مرّتين ، وعن الثوب يصيبه البول؟ قال : اغسله مرّتين (٢) وهاتان الجملتان قرينتان على أن المراد ببول الصبي في الرواية هو الصبي غير المتغذي ولا يجب فيه الغسل كي يعتبر فيه العصر ، فالأمر به محمول على الاستحباب لا محالة.
وفي الفقه الرضوي « وإن أصاب بول في ثوبك فاغسله من ماء جار مرّة ، ومن ماء راكد مرّتين ثم أعصره » (٣) وعن دعائم الإسلام عن علي عليهالسلام قال في المني يصيب الثوب : « يغسل مكانه فان لم يعرف مكانه وعلم يقيناً أنه أصاب الثوب غسله كلّه ثلاث مرات يفرك في كل مرّة ويغسل ويعصر » (٤) إلاّ أنهما لضعفهما مما لا يمكن
__________________
(١) ، (٢) المروية في الوسائل ٣ : ٣٩٧ / أبواب النجاسات ب ٣ ح ١ ، ٣٩٥ / ب ١ ح ٤.
(٣) المستدرك ٢ : ٥٥٣ / أبواب النجاسات ب ١ ح ١ ، فقه الرضا : ٩٥.
(٤) المستدرك ٢ : ٥٥٥ / أبواب النجاسات ب ٣ ح ٢ ، دعائم الإسلام ١ : ١١٧.