وفيه : أن اعتبار كون المتنجِّس أمراً قابلاً لاشراق الشمس عليه وإن كان غير قابل للمناقشة ، لأن الموضوع في الرواية هو ما أشرقت عليه الشمس وهو ظاهر في الفعلية والفعلية فرع القابلية ، إلاّ أن اختصاص القابلية بالمثبتات مما لا وجه له ، فان كل شيء مثبت أو غيره قابل لاشراق الشمس عليه إذا كان في محل تصيبه الشمس ، كما أنه ليس بقابل له إذا كان في محل لا تصيبه ، كما إذا كانت الشجرة تحت الجبل مثلاً. وبعبارة اخرى : كل شيء قابل لاشراق الشمس عليه فيما إذا لم يحجز عنه حاجب من دون أن يكون ذلك مختصاً بالمثبتات. فالصحيح أن دلالة الرواية على المدعى غير قابلة للمناقشة ، وإنما لا نعتمد عليها لضعف سندها كما مر.
الثاني : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليهالسلام في حديث قال : « سألته عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها إذا جفت من غير أن تغسل؟ قال : نعم لا بأس » (١) فإنّها وإن كانت مطلقة من حيث جفافها بالشمس أو بغيرها لعدم تقييدها الجفاف بها ، إلاّ أنه لا بدّ من تقييدها بذلك بصحيحة زرارة الدالّة على اعتبار كون الجفاف بالشمس. وبذلك تدل الصحيحة على طهارة البواري فيما إذا أصابتها الشمس وجففتها ، إذ الصلاة على البواري ظاهره إرادة السجود عليها ولا يتم هذا إلاّ بطهارتها.
ويمكن المناقشة في هذا الاستدلال بأن الصلاة على الشيء وإن كان مشعراً بإرادة السجود عليه إلاّ أنه لا يبلغ مرتبة الظهور ، لتعارف التعبير بذلك في اتخاذ الشيء مكاناً للصلاة ، حيث إن لفظة « على » للاستعلاء وهو متحقِّق عند اتخاذ شيء مكاناً للصلاة لاستعلاء المصلي على المكان. ويشهد على ذلك استعمال هذه الجملة في صحيحة زرارة بالمعنى الذي ذكرناه قال : « سألته عن الشاذكونة يكون عليها الجنابة أيصلّى عليها في المحمل قال : لا بأس بالصّلاة عليها » (٢) ونظيرها من الأخبار ، ومع هذا الاحتمال لا يبقى مجال للاستدلال بالصحيحة على المدعى.
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٥١ / أبواب النجاسات ب ٢٩ ح ٣.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٥٤ / أبواب النجاسات ب ٣٠ ح ٣.