الاستحالة في المتنجِّس حيث إن النجاسة بالملاقاة لم تترتب على المتنجسات بعناوينها الخاصة من الثوب والقطن والماء وغيرها لعدم مدخلية شيء من تلك العناوين في الحكم بالنجاسة بالملاقاة ، بل النجاسة فيها تترتب على عنوان غير زائل بالاستحالة وهو الجسم أو الشيء كما في موثقة عمار : « ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء ... » (١) أي كل شيء أصابه المتنجِّس بلا مدخلية شيء من الخصوصيات الفردية أو الصنفية فيه ، ومن الواضح أن الجسمية أو الشيئية صادقتان بعد الاستحالة أيضاً ، حيث إن الرماد أو الدخان مثلاً جسم أو شيء ، ومع بقاء الموضوع وعدم ارتفاعه يحكم بنجاسته حسب الأدلّة الدالّة على أن الجسم أو الشيء يتنجّس بالملاقاة ، ثم إن الشيء وإن كان يشمل الجواهر والأعراض إلاّ أن العرض لما لم يكن قابلاً للإصابة والملاقاة كانت الإصابة في الموثقة قرينة على اختصاص الشيء بالجواهر ، وكيف كان الاستحالة غير موجبة للطهارة في المتنجسات ، هذا.
ولقد أطال شيخنا الأنصاري قدسسره الكلام في الجواب عن ذلك وذكر بتلخيص وتوضيح منّا : أن النجاسة لم يعلم كونها في المتنجسات محمولة على الصورة الجنسية والجسم ، وإن اشتهر في كلماتهم أن كل جسم لاقى نجساً مع رطوبة أحدهما ينجس ، إلاّ أن قولهم هذا ليس مدلولاً لدليل من آية أو رواية وإنما هو قاعدة مستنبطة من الأدلّة الخاصة الواردة في الموارد المعينة من الثوب والبدن والماء ونحوها فهي تشير إلى تلك العناوين المشخصة ويؤول معناها إلى أن الماء إذا لاقى نجساً ينجس ، والثوب إذا لاقى ... وهكذا. فاذن للصور والعناوين الخاصة دخالة في الحكم بالنجاسة وإذا زالت بسبب الاستحالة زال عنها حكمها كما هو الحال في الأعيان النجسة كما مرّ ، هذا.
إلاّ أن ما أفاده قدسسره لا يفي بدفع الشبهة ، وذلك لما عرفت من أن النجاسة والانفعال إنما رتبا على عنوان الجسم أو الشيء كما ورد في موثقة عمار ، فقولهم : إن كل جسم لاقى نجساً مع رطوبة أحدهما ينجس ، هو الصحيح وهو مضمون الموثقة ، ولم
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٤٢ / أبواب النجاسات ب ٤ ح ١.