تترتّب النجاسة على العناوين الخاصّة لبداهة عدم مدخلية الخصوصيات الصنفية من القطن والثوب ونحوهما في الحكم بالانفعال بالملاقاة. وعلى ذلك لا مانع من التمسك بإطلاق الأدلّة الاجتهادية الدالّة على نجاسة الأشياء الملاقية مع النجس برطوبة ، حيث إن مقتضى إطلاقها أن الشيء إذا تنجس تبقى نجاسته إلى الأبد ما لم يطرأ عليه مزيل شرعاً. أو لو ناقشنا في إطلاقها لأمكن التمسّك باستصحاب النجاسة الثابتة عليه قبل استحالته كما سيتضح.
فالصحيح في الجواب أن يقال : إن التمسّك بالإطلاق أو الاستصحاب إنما يتم إذا كان التبدّل في الخصوصيات الشخصية أو الصنفية ، كما إذا بدّلنا الثوب قطناً أو القطن ثوباً أو صارت الحنطة طحيناً أو خبزاً ونحو ذلك ، فإن النجاسة العارضة على تلك الأشياء بملاقاة النجس لا ترتفع عنها بالتبدل في تلك الأوصاف ، فإن الثوب هو القطن حقيقة وإنما يختلفان في وصف التفرق والاتصال ، كما أن الحنطة هو الخبز واقعاً وإنما يفترقان في الطبخ وعدمه ، والنجاسة كما ذكرنا إنما ترتبت على عنوان الشيء أو الجسم وهما صادقان بعد التبدل أيضاً ، بل الشيء قبله هو الشيء بعده بعينه عقلاً وعرفاً ، والتبدل في الأوصاف والأحوال غير مغير للحقيقة بوجه ، ومعه لا مانع من التمسك بالإطلاق أو الاستصحاب لإحراز بقاء الموضوع واتحاد القضية المتيقنة والمشكوك فيها بناء على جريان الاستصحاب في الأحكام إلاّ أن التغيّر في تلك الأوصاف ليس من الاستحالة المبحوث عنها في المقام.
وأما إذا كان التبدل في الأوصاف النوعية كتبدل الثوب المتنجِّس تراباً أو الخشب المتنجِّس رماداً فلا يمكن التمسك حينئذ بالإطلاق أو الاستصحاب لمغايرة أحدهما الآخر ، وارتفاع موضوع الحكم بالنجاسة إما عقلاً وعرفاً وإما عرفاً فحسب. والنجاسة بالملاقاة وإن كانت مترتبة على عنوان الجسم أو الشيء إلاّ أن المتبدل به شيء والمتبدل منه الذي حكم بنجاسته بالملاقاة شيء آخر ، والذي لاقاه النجس هو الشيء السابق دون الجديد ولا يكاد يسري حكم فرد إلى فرد آخر مغاير له.
فالمتحصل : أن بالتبدل في العناوين المنوعة يرتفع الشيء السابق ويزول ويتحقق