وأمّا تبدّل الأوصاف وتفرّق الأجزاء ، فلا اعتبار بهما كالحنطة إذا صارت طحيناً أو عجيناً أو خبزاً ، والحليب إذا صار جبناً (١) وفي صدق الاستحالة على صيرورة الخشب فحماً تأمل (*) وكذا في صيرورة الطين خزفاً أو آجراً (٢)
______________________________________________________
منهما دخل في حصولها ، فما معنى إسناد الطهارة إلى خصوص النار ودعوى أنها مطهّرة بالاستحالة.
الثالث : ما تقدمت الإشارة إليه ويأتي تفصيله من أن طبخ الجص أو التراب أو الحنطة أو غيرها إنما هو من التبدل في الحالات والأوصاف الشخصية أو الصنفية وليس من الاستحالة بوجه ، فالاستدلال بالصحيحة ساقط والصحيح في وجه كون الاستحالة مطهرة في المتنجسات ما ذكرناه.
(١) لما تقدّم من أنّ التبدّل في الأوصاف كالتفرق والاجتماع لا ربط له بالاستحالة التي هي التبدّل في الصور النوعية بوجه.
(٢) بعد ما تقدّم من أن الاستحالة في المتنجسات كالاستحالة في الأعيان النجسة مطهرة ، وقع الكلام في مثل الخشب المتنجِّس إذا صار فحماً أو الطين خزفاً أو آجراً ، وأن مثله هل هو من التبدل في الصورة النوعية بصورة نوعية اخرى كما اختاره جماعة في مثل الطين إذا صار خزفاً أو آجراً ، ومن هنا قالوا بطهارته بذلك وعليه رتبوا المنع عن التيمّم أو السجدة عليهما نظراً إلى خروجهما بالطبخ عن عنوان الأرض والتراب أو أن الطبخ لا يوجب التبدل بحسب الحقيقة؟
الثاني هو الصحيح ، لأن الخشب والفحم أو الطين والآجر من حقيقة واحدة ، ولا يرى العرف أي مغايرة بين الخزف والآجر وإنما يراهما طيناً مطبوخاً وكذلك الحال في الخشب والفحم ، فالاختلاف بينهما إنما هو في الأوصاف كتماسك الأجزاء وتفرّقها وحالهما حال اللحم والكباب وحال الحنطة والخبز. فمع بقاء الصورة النوعية بحالها لا يمكن الحكم بطهارة الطين والخشب بصيرورتهما خزفاً أو فحماً.
__________________
(*) الظاهر عدم تحقق الاستحالة فيه وفيما بعده.