قد ينتقل إلى حيوان طاهر ليس له لحم ولا دم سائل كالبق والقمل ، أو أن له لحماً ولا نفس سائلة له كالسمك على نحو تنقطع إضافته الأولية عن المنتقل عنه ، وتتبدل إلى إضافة ثانوية إلى المنتقل إليه ، بحيث لا يقال إنه دم إنسان مثلاً بل دم بق أو سمكة ونحوها لصيرورته جزءاً من بدنهما بالتحليل ، بحيث لا يمكن إضافته إلى الإنسان إلاّ على سبيل العناية والمجاز ، فالدم وإن كان هو الدم الأوّل بعينه إلاّ أن الإضافة إلى الإنسان في المثال تبدلت بالإضافة إلى البق أو السمكة ، فهو ليس من الاستحالة في شيء ، لأنه يعتبر في الاستحالة تبدل الحقيقة إلى حقيقة أُخرى مغايرة مع الاولى والحقيقة الدموية لم تتبدل بحقيقة أُخرى في المثال بل تبدلت إضافته فحسب ، ولا إشكال حينئذ في الحكم بطهارة ذلك النجس لأنه دم حيوان لا نفس له ، ومقتضى عموم ما دلّ على طهارة دمه أو إطلاقه هو الحكم بطهارته.
وقد ينتقل النجس إلى حيوان طاهر من دون أن تنقطع إضافته الأولية إلى المنتقل عنه ولا يصح إضافته إلى المنتقل إليه ، كما إذا انتقل دم الإنسان إلى بق أو سمكة وقبل أن يصير جزءاً منهما عرفاً شق بطنهما ، فان الدم الخارج حينئذ دم الإنسان ولا يقال إنه دم البق أو غيره ، وجوف السمكة أو البق وقتئذ ليس إلاّ ظرفاً لدم الإنسان ونظيره ما لو أخذ الإنسان دم السمكة في فمه وطبقه فان الدم الخارج من فمه دم سمكة وإنما كان ظرفه فم الإنسان. ومن هذا القبيل الدم الذي يمصّه العلق من الإنسان ولا شبهة حينئذ في نجاسة ذلك الدم لأنه مما له نفس سائلة ، وإنما تبدل مكانه من دون تبدل في حقيقته وإضافته ، فمقتضى عموم ما دلّ على نجاسة دم الإنسان أو إطلاقه هو الحكم بنجاسته.
وثالثة ينتقل النجس إلى حيوان طاهر ولكنه بحيث يصح أن يضاف إلى كل من المنتقل عنه والمنتقل إليه إضافة حقيقية ، لجواز اجتماع الإضافات المتعددة على شيء واحد لعدم التنافي بينها ، والإضافة أمر خفيف المئونة وتصح بأدنى مناسبة ، فترى أن دم الإنسان بعد ما انتقل إلى البق أو السمكة في زمان قريب من الانتقال وإن صار جزءاً منهما ، يصح أن يضاف إلى الإنسان باعتبار أنه منه كما يصح أن يضاف إلى البق نظراً إلى أنه جزء من بدنه ، بل لا يستبعد اجتماع الإضافتين قبل صيرورة الدم جزءاً