من البق أو السمكة ، فيضاف إلى الإنسان لأنه منه كما يصح أن يضاف إلى البق لأنه في جسده ، فهل يحكم بطهارة الدم وقتئذ؟
فيه إشكال وكلام ، والذي ينبغي أن يقال : إن نجاسة دم المنتقل عنه وطهارة دم المنتقل إليه إما أن تثبتا بدليل لبي من إجماع أو سيرة ، وإما أن تثبتا بدليل لفظي اجتهادي ، وإما أن تثبت إحداهما باللبي وثانيتهما باللفظي.
فان ثبت كل منهما بالأدلة اللبية فلا إشكال في عدم إمكان اجتماعهما في ذلك المورد لاستحالة اتصاف الشيء الواحد بالنجاسة والطهارة الفعليتين من جهتين ، فالدليلان لا يشملان المورد بوجه فيفرضان كالعدم ، ولا بدّ معه من مراجعة الأصل العملي من قاعدة الطهارة أو استصحاب النجاسة كما يأتي عن قريب.
وأما إذا ثبت أحدهما باللفظي وثبت الآخر باللبي فلا بد من رفع اليد عن عموم الدليل اللفظي أو إطلاقه بقرينة الإجماع مثلاً وحمله على مورد آخر ، هذا فيما علم شمول الإجماع لمورد الاجتماع وإلاّ فيؤخذ بالقدر المتيقن وهو غير مورد الاجتماع ويرجع فيه إلى الدليل اللفظي من إطلاق أو عموم.
وأما إذا ثبت كل منهما بدليل لفظي ، فإن كان أحدهما بالإطلاق والآخر بالوضع والعموم فقد بيّنا في محلِّه (١) أن الدلالة الوضعية متقدمة على الإطلاق ، فالمقدم هو ما ثبت بالوضع والعموم. وإذا كان كلاهما بالإطلاق فلا محالة يتساقطان لأنه مقتضى تعارض المطلقين ويرجع إلى مقتضى الأصل العملي ، ولو ثبت كلاهما بالعموم فهما متعارضان ومعه لا بدّ من الرجوع إلى المرجحات كموافقة الكتاب ومخالفة العامّة إن وجدت ، وإلاّ فيحكم بالتخيير بينهما على ما هو المعروف بينهم.
وأما على مسلكنا فلا مناص من الحكم بتساقطهما والرجوع إلى الأصل العملي وهو استصحاب نجاسة الدم المتيقنة قبل الانتقال وهذا هو المعروف عندهم ، إلاّ أنه يبتني على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية وقد ناقشنا فيه في محله لأنه مبتلى بالمعارض دائماً ، حيث إن استصحاب نجاسة الدم قبل الانتقال معارض باستصحاب عدم جعل النجاسة عليه زائداً على القدر المتيقن وهو الدم ما لم ينتقل
__________________
(١) في مصباح الأُصول ٣ : ٣٧٧.