ومعه تصل النوبة إلى قاعدة الطهارة وبها يحكم بطهارة الدم في مفروض الكلام ، هذا كله إذا علمنا حدوث الإضافة الثانوية وعدم انقطاع الإضافة الأولية.
وأما لو شككنا في ذلك فلا يخلو إما أن يعلم بوجود الإضافة الثانوية لصدق أنه دم البق أو البرغوث مثلاً ، ويشك في انقطاع الإضافة الأولية وعدمه ، وإما أن يعلم بقاء الإضافة الأولية لصدق أنه دم الإنسان مثلاً ويشك في حدوث الإضافة الثانوية ، وإما أن يشك في كلتا الإضافتين للشك في صدق دم الإنسان أو البق وعدمه ، وهذه صور ثلاث :
أمّا الصورة الأُولى : فإن كانت الشبهة مفهومية كما إذا كان الشك في سعة مفهوم الدم أي دم الإنسان مثلاً وضيقه من غير أن يشك في حدوث شيء أو ارتفاعه فلا مانع من التمسك بإطلاق ما دلّ على طهارة دم المنتقل إليه أو عمومه. ولا يجري استصحاب بقاء الإضافة الأوّلية ، لما مرّ غير مرّة من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات المفهومية ، لا في الحكم لعدم إحراز موضوعه ولا في الموضوع لعدم الشك في حدوث شيء أو ارتفاعه.
وأمّا إذا كانت الشبهة موضوعية ، كما إذا بنينا على بقاء الإضافة الأولية حال المص والانتقال كما أن الإضافة الثانوية موجودة على ما تأتي الإشارة إليه ، فإنّه على ذلك قد يشك في أن الدم الذي أصاب ثوبه أو بدنه هل أصابه بعد الانتقال ليحكم بطهارته لأنه دم البق أو أنه أصابه حال مصه ليحكم بنجاسته ، فلا مانع من استصحاب بقاء الإضافة الأوّلية ، وبذلك يشمله إطلاق ما دلّ على نجاسة دم المنتقل عنه أو عمومه ولكن يعارضه العموم أو الإطلاق فيما دلّ على طهارة دم المنتقل إليه ويدخل المورد بذلك تحت القسم الثالث من أقسام الانتقال ، وذلك للعلم بصدق كلتا الإضافتين لأجل إحراز أحدهما بالوجدان وثانيهما بالتعبّد ، ولا بدّ حينئذ من ملاحظة أن دلالة دليليهما بالإطلاق أو بالعموم أو أن إحداهما بالعموم والأُخرى بالإطلاق ، إلى آخر ما قدّمناه آنفاً.
لا يقال : إن الاستصحاب الذي هو أصل عملي كيف يعارض الدليل الاجتهادي من عموم أو إطلاق.