الشرائط المتقدِّمة ، ويبتني استكشاف أنه من باب التعبّد على التأمل في أن السيرة الجارية على الحكم بالطهارة في موارد الغيبة خاصة بموارد وجود الشرائط المتقدِّمة أو أنها جارية في جميع الموارد حتى في الفاقد لتلك الشروط؟
والأقرب أنها عامة لجميع موارد الشك في الطهارة وإن لم يكن واجداً للشروط ، وذلك لأن التأمل في سيرة الأئمة عليهمالسلام وتابعيهم في عصرهم وغيره يعطي عدم اختصاصها بمورد دون مورد ، لأنهم عليهمالسلام كانوا يساورون أهل الخلاف الموجودين في زمانهم ويدخلون بيوت الفسقة والمرتكبين لأعظم المحرمات ، مع أن العامة لا يلتزمون بنجاسة جملة من الأُمور المعلومة نجاستها عندنا لذهابهم إلى طهارة جلد الميتة بالدباغة (١) وطهارة مخرج البول بالتمسّح على الحائط ونحو ذلك (٢) والفسقة كانوا يشربون الخمور ولا يبالون بإصابة البول وغيره من النجاسات والمتنجسات ولم يسمع تجنبهم عليهمالسلام عن أمثالهم وعدم مساورتهم أو غسلهم لما يشترونه من الفساق أو أهل الخلاف. وكذلك الحال في المسلمين فتراهم يشترون الفرو مثلاً ممن يغلب في بلاده المخالفون من غير سؤال عن صانعه وأنه من الشيعة أو غيرهم.
وقد نسب إلى الميرزا الشيرازي قدسسره أنه كان بانياً في الحكم بالطهارة عند الغيبة على مراعات الشروط المتقدِّمة إلى أن نزل سامراء وشاهد العامة وأوضاعهم فعدل عن ذلك وبنى على عدم اعتبار تلك الشروط ، ومن الظاهر أن أهل الخلاف الذين كانوا يتعيشون في عصرهم عليهمالسلام إما كانوا أسوأ حالاً منهم في عصرنا أو أنهم مثلهم ، وقد عرفت أن من النجاسات القطعية عندنا ما هو محكوم بالطهارة عندهم ، وكذلك أهل القرى والبوادي لعدم جريان السيرة على التجنب عن مساورتهم والمؤاكلة معهم مع العلم بتنجس ظروفهم أو ألبستهم أو أيديهم في زمان وعدم علمهم بنجاسة جملة من النجاسات والمتنجسات في الشريعة المقدّسة.
__________________
(١) تقدّم نقله في شرح العروة ٢ : ٤٥٥.
(٢) تقدّم نقله في شرح العروة ٢ : ٣٢.