البيت ، فالرواية تدل على أن الانتفاع بآنيتهما حرام لأنهما مما ينتفع به غير الموقنين وبذلك يحرم استعمالاتهما مطلقاً حيث إن استعمال الشيء انتفاع به ، ويدفعه : أن المتاع وإن كان بمعنى ما ينتفع به إلاّ أن الانتفاع في كل متاع بحسبه ، فان الانتفاع بالفرش الذي من أمتعة البيت بفرشه وفي اللباس بلبسه وهكذا ، ومن الظاهر أن الانتفاع بآنيتهما إنما يكون بالأكل والشرب فيهما ، لأن الإناء إنما يعد لذلك وهما الغاية المطلوبة منه ، فمعنى الرواية أن الانتفاع بهما كما ينتفع به غير الموقنين محرم ، وقد مرّ أن الانتفاع بالإناء إنما هو باستعماله في خصوص الأكل والشرب فلا تشمل بقية الانتفاعات ، هذا على أن الرواية على طريق الكليني ضعيفة بسهل بن زياد وموسى بن بكر ، وعلى رواية البرقي بخصوص الأخير فليراجع. ومعه لا دليل على حرمة استعمالاتهما عدا الأكل والشرب وإن كانت الشهرة على خلاف ذلك.
وأُخرى بصحيحتي محمد بن مسلم المتقدِّمة « نهي عن آنية الذهب والفضة » ومحمد ابن إسماعيل بن بزيع « سألت الرضا عليهالسلام عن آنية الذهب والفضة فكرههما » (١) ونحوهما من المطلقات ، نظراً إلى أن النهي والكراهة لا معنى لتعلقهما بالذوات ، أما في النهي فهو ظاهر وأما في الكراهة فلأن الكراهة التكوينية وإن أمكن أن تتعلق بالذوات بأن يكون الشيء مبغوضاً بذاته كما أنه قد يكون محبوباً كذلك إلاّ أن الكراهة التشريعية كالنهي لا معنى لتعلقها بالذوات ، والكراهة في الصحيحة لا يحتمل حملها على الكراهة التكوينية لأن ظاهر الرواية أنها صدرت من الامام عليهالسلام بما أنه مبيّن للأحكام ، ولا ظهور لها في أنه عليهالسلام بصدد إظهار الكراهة الشخصية في الإناء ، ومعه لا بدّ من تقدير شيء من الأفعال في الصحيحتين ليكون هو المتعلق للنهي والكراهة ، وحيث إن المقدر غير معيّن بوجه فلا مناص من تقدير مطلق الاستعمالات.
ويرد على هذا الاستدلال أن النهي والكراهة وإن لم يمكن أن يتعلّقا بالذوات إلاّ أن المقدّر متعيّن وهو في كل مورد بحسبه ، لأن المناسب في مثل النهي عن الأُمّهات هو
__________________
(١) المتقدِّمتين في ص ٢٧٣ ، ٢٧٩.