النكاح لأنه الأثر الظاهر في النساء ، وفي النهي عما لا فلس له من الأسماك أو الميتة أو الدم هو الأكل ، وحيث أن الأثر الظاهر من الإناء هو الأكل والشرب منه لأنه لم يعد إلاّ لهما لا لغيرهما من الاستعمالات ، فناسب أن يكون المقدر في الصحيحتين هو الأكل أو الشرب فحسب ، هذا.
وتوضيح الكلام في المقام أن هناك وجوهاً أو احتمالات :
الأوّل : ما قدمناه آنفاً من أن المقدر هو الأكل والشرب فحسب ، لأن النهي عن كل شيء إنما هو بحسب الأثر المرغوب منه ، وقد تقدم أن الأثر المرغوب منه في الآنية هو الأكل والشرب منها ، وعلى ذلك تتحد الصحيحتان مع الأخبار الناهية عن الأكل والشرب من آنية الذهب والفضة ولا يبقى دليل على المنع عن سائر استعمالاتهما.
الثاني : أن المقدر مطلق الاستعمال الأعم من الأكل والشرب ، ويقع الكلام على هذا التقدير في أن المحرّم هو نفس تلك الاستعمالات أو أنه أعم منها ومن الأفعال المترتبة عليها؟ وعلى القول بحرمة الاستعمال نفسه دون الفعل المترتب عليه كما هو الصحيح لا بأس بالتوضؤ من أواني الذهب والفضة ، لأن المحرّم على ذلك هو استعمالهما أعني تناول الماء منهما فحسب ، وأما صرفه بعد ذلك في شيء من الغسل أو الوضوء أو الصب أو غيرها فلا يعد استعمالاً للآنية بل هو فعل آخر لم يقم على حرمته دليل ، وإنما التزمنا بحرمة الأكل والشرب منهما بعد تناول الطعام أو الشرب منهما لقيام الدليل عليها لا لأنهما استعمال للإناء ، هذا إذا كان عنده ماء آخر يتمكن من الوضوء أو كان متمكناً من إفراغ الآنيتين في ظرف آخر.
وأمّا إذا انحصر الماء بما في الآنيتين فصحة الوضوء والغسل منهما تبتني على القول بالترتب كما قدّمناه في التوضّؤ من الآنية المغصوبة ، فإن حال الآنيتين حال الأواني المغصوبة من تلك الجهة وقد تقدّم الكلام فيها مفصّلاً. وعلى الجملة لا دليل على حرمة التوضّؤ وغيره من الأفعال المترتِّبة على استعمالهما بناء على هذا الاحتمال كما لا دليل على حرمة وضعها على الرفوف للتزيين لعدم صدق الاستعمال عليه ، فان استعمال أي شيء إنما هو عبارة عن إعماله في جهة من الجهات المرغوبة منه ، ومجرد التزيين بهما ليس من الجهات المرغوبة من الآنيتين حتى لو سئل عمن وضعهما على