الرف أنك هل استعملتهما؟ لأجاب بقوله : لا ، بل وضعتهما على الرف مثلاً للتزيين.
الثالث : أن المقدّر هو الانتفاع كما هو المناسب لقوله عليهالسلام في رواية موسى بن بكر « آنية الذّهب والفضّة متاع الذين لا يوقنون » لما عرفت من أن المتاع بمعنى ما ينتفع به ، وعليه فالمحرّم هو الانتفاع منهما مطلقاً سواء أكان ذلك باستعمالهما أم بغيره كالتزيين لوضوح أنه انتفاع بهما كالانتفاع بالتزيين بغيرهما من النقوش الموجودة على البيوت والأبواب وإن لم يعد استعمالاً لهما أو للنقوش ، وإلى هذا ذهب صاحب الجواهر قدسسره (١) إلاّ أنه على ذلك لا دليل على حرمة اقتنائهما وادّخارهما لعدم كونه انتفاعاً بهما بوجه كما إذ ادّخرهما بداعي بيعهما عند ما دعت الحاجة إليه.
الرابع : أن المقدر مطلق الفعل المتعلق بهما سواء عد استعمالاً لهما أم لم يعد وسواء كان انتفاعاً بهما أم لم يكن ، وذلك كالاقتناء لأن حفظهما عن الضياع أيضاً فعل متعلق بهما فيحرم.
هذه هي الوجوه المحتملة في المقام ، وقد عرفت أن أظهرها أوّلها لما تقدّم من أن مناسبة الحكم والموضوع تقتضي أن يكون المقدر في كل مورد ما يناسب ذلك المورد فيقدر النكاح في تحريم الأُمهات والأكل في تحريم الدم والميتة وما لا فلس له من الأسماك واللبس في تحريم لباس الذهب والحرير دون فرشهما مثلاً ، وبما أن المناسب للآنية كما يأتي في معنى الإناء هو الأكل والشرب فليكن المقدر في النهي عن آنية الذهب والفضّة خصوص الأكل والشرب منهما دون سائر الاستعمالات ، هذا ومع التنازل عن ذلك فالظاهر هو الاحتمال الثاني ، ومع الإغماض عنه فالاحتمال الثالث وأما الاحتمال الرابع فهو مما لا يمكن تتميمه بدليل ، ولعله لأجل الترتب في الاحتمالات المذكورة ترقي الماتن شيئاً فشيئاً ، فأوّلاً حكم بحرمة الأكل والشرب منهما ثم عطف عليها سائر الاستعمالات ثم عممها إلى مثل الوضع على الرفوف ثم ترقي إلى حرمة اقتنائها.
__________________
(١) الجواهر ٦ : ٣٤٣.