الحرير والذّهب. ويرد على الاستدلال به أُمور :
الأوّل : أن الحديث نبوي لم يثبت من طرقنا فلا يمكن الاعتماد عليه.
الثاني : أنه غير شامل للفضة لاختصاصه بالذهب والحرير.
الثالث : أن الحديث يختص بالرجال وكلامنا إنما هو في حرمة الذهب والفضة لمطلق المكلفين ذكوراً كانوا أم إناثاً.
الرابع : أن التحريم الوارد في الحديث لا يراد به سوى تحريم لبسهما فحسب ، إذ لا يحتمل حرمة استعمال الحرير بفرشه أو بغير ذلك من الاستعمالات.
فالمتلخص أنه لا دلالة في شيء من الأخبار المتقدِّمة على المدعى.
وأما الاستدلال عليه ببعض الوجوه الاعتبارية كدعوى أن استعمال الذهب والفضة في غير الأواني كنقش الكتب والسقوف والجدران تعطيل للمال وتضييع له في غير الأغراض الصحيحة ، وأنه يستلزم الخيلاء وكسر قلوب الفقراء وغير ذلك مما ربما يستدل به في المقام فمما لا ينبغي الإصغاء إليه ، لأنه أي تضييع للمال في جعلهما حلقة للمرآة أو السيف أو في استعمالهما في موارد أُخر ، وأي فرق بين إبقائهما في مثل المرآة والسقف ونحوهما وبين إبقائهما في الصندوق من غير استعمالهما في شيء ، كما أن استعمالهما لا يستلزم العجب وكسر القلوب كيف وقد تقدّم أن درع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيفه كانا مشتملين على حلقات الفضّة ، وذلك لوضوح أن استعمالهما كاستعمال بقية الأشياء الثمينة والأحجار الكريمة الغالية التي لا خلاف في جواز استعمالها.
__________________
أبي زرير الغافقي قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ بيمينه حريراً وأخذ ذهباً لشماله ثم رفع بهما يديه وقال : إن هذين حرام على ذكور أُمتي ، ورواه ابن ماجة في سننه ٢ : ١١٨٩ / ٣٥٩٥ مع زيادة « حلّ لأُناثهم » في آخره. وفي سنن الترمذي على هامش الماحوذي ٤ : ٢١٧ / ١٧٢٠ عن أبي موسى الأشعري عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : حرام لباس الحرير والذهب على ذكور أُمّتي وأُحلّ لأُناثهم.