فلا تعم التمسح بالأحجار أو غيرها ، فالمراد من الموثقة أنه يغسل ذكره ودبره ، وإنما ترك التعبير بغسل الدبر للاستهجان بذكره (١).
وفيه : أن الذكر والدبر في الاستهجان سواء ، فلما ذا صرح بالذكر دون الدبر. على أن في بعض الروايات صرح بمسح العجان (٢) وهو والدّبر بمعنى واحد. هذا مضافاً إلى إمكان التعبير عن الدبر بموضع الغائط ومحل النجو ونحوهما مما لا استهجان في ذكره فعدم ذكر الغسل في موضع الغائط يكشف عن أن الموثقة ناظرة إلى كفاية مجرّد النقاء سواء أكان بالماء أو بالتمسح مرة أو مرتين أو أكثر.
ومنها : حسنة ابن المغيرة المتقدِّمة (٣) لأنها صريحة الدلالة على أن حدّ الاستنجاء هو النقاء سواء حصل ذلك بالغسل أو بالتمسح مرة أو مرتين أو أكثر.
وربما يناقش في دلالتها كما عن شيخنا الأنصاري ـ قدسسره بأن الرواية بذيلها « قلت ينقي ما ثمة ويبقى الريح؟ قال : الريح لا ينظر إليها » ظاهرة في إرادة النقاء بالماء ، لأن الريح الباقية في المحل إنما يستكشف باستشمام اليد ، ومزاولة اليد المحل إنما هي في الاستنجاء بالماء (٤).
ولا يخفي ضعف هذه المناقشة ، لأن بقاء الريح كما يمكن استكشافه باستشمام اليد المزاولة للمحل كذلك يمكن أن يستكشف بغيرها من الأشياء الملاقية له ، وكذا باستشمام اليد الماسحة على الموضع بعد التمسح بالأحجار أو الخرق ونحوهما ، فهذه المناقشة ساقطة.
نعم ، يرد على الاستدلال بالحسنة ، أن المراد بالنقاء لو كان يعم التمسّح لكان الأولى بل المتعيّن أن يسأل عن الأجزاء الصغار أيضاً ، لتخلّفها في المحل وعدم زوالها
__________________
(١) كتاب الطهارة ١ : ٤٥٧.
(٢) وهي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال « جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار ، أن يمسح العجان ولا يغسله ... » الوسائل ١ : ٣٤٨ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٣.
(٣) في ص ٣٦٢.
(٤) كتاب الطهارة ١ : ٤٥٥.