بالتمسّح. ويشهد لذلك اختباره في اليد الملوثة بالوحل أو غيره ، حيث ترى أن مسحها بالحجر أو الخرق لا يزيل الأجزاء الصغار ، ومن هنا ذكر فقهاؤنا الأعلام قدسسرهم أنه لا يعتبر في الاستنجاء بالتمسح إزالة الأثر المفسر بالأجزاء الصغار ، دون الأعراض الخارجية من اللون والرائحة ونحوهما ، لعدم اعتبار زوالها في الغسل فكيف بالمسح ، وحيث لم يسأل عن الأجزاء الصغار فيستكشف به أن الرواية ناظرة إلى الاستنجاء بالماء ولا تعم التمسح أصلاً. بل لو كانت الرواية ناظرة إلى الأعم منه لم يبق موجب للسؤال عن بقاء الريح بوجه ، وذلك لأن التمسح غير قالع للأجزاء الصغار وهي مستتبعة لبقاء الريح بلا كلام ، ومع العفو عن الأجزاء المذكورة كيف يكون بقاء الريح مخلًّا للطهارة ، وهذا بخلاف ما إذا اختصت الرواية بالغسل ، فان بقاء الريح أمر لا يلازمه ، بل قد تزول به وقد لا تزول ، كما إذا كان الغائط عفناً جدّاً ، وعليه فللسؤال عن بقاء الريح مجال.
وحاصل الجواب عنه : أن المبالغة في الغسل على وجه يذهب به الريح غير معتبر في الاستنجاء ، ومجرد زوال العين كاف في طهارة المحل ، ولعل هذا مراد من منع عن دلالة الرواية على كفاية الأقل من الثلاث في المسح.
ومنها : رواية بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : « يجزئ من الغائط المسح بالأحجار ، ولا يجزئ من البول إلاّ الماء » (١) بتقريب أن اللاّم في الأحجار للجنس ، ومقتضاه أن جنس الحجر كاف في تطهير المحل متعدِّداً كان أو غيره ، ولم يرد به الجمع ليقال إن أقل الجمع ثلاثة.
وفيه : أن اللاّم وإن كان للجنس كما أُفيد ، إذ لا يحتمل حمله على الاستغراق للقطع بعدم إرادة التمسح بأحجار العالم جمع ، كما لا يحتمل حمله على العهد لبعد إرادة الأحجار المعهودة خارجاً ، فلا مناص من أن يكون اللاّم للجنس والطبيعة ، وإنما الكلام في أن المراد به طبيعي الفرد أو طبيعي الجمع ، ولا إشكال في أن ظاهر اللاّم الداخل على الجمع جنس الجمع لا الفرد حيث لا قرينة على العهد ولم يمكن حمله
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٤٨ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣٠ ح ٢.