والريح ، وستطلع على جملة أُخرى منها في التكلم على جهات المسألة وخصوصياتها إن شاء الله. وبالجملة إن المسألة متفق عليها بين الفريقين ، نعم نسب الخلاف في ذلك إلى الأوزاعي من العامة وإلى الصدوق ووالده قدسسرهما (١).
أما صحّة النسبة إلى الأوزاعي وعدمها فلا سبيل لنا إلى استكشافها (٢).
وأما ما نسب إلى الصدوق ووالده فهو من البعد بمكان ، كيف وقد دلت على ذلك الآية المباركة ووردت فيه أخبار متضافرة قابلة للاعتماد عليها في الأحكام ، منها
__________________
علي بن أبي طالب عن رسول الله قال : إنما العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ. السه بفتح السين المهملة وضمها ثم الهاء المخفّفة العجز وقد يراد به حلقة الدبر. وقد أخرجه أبو داود في سننه ج ١ ص ٥٢ وابن ماجة في سننه ج ١ ص ١٦١ ورواه ابن تيمية في المنتقى مع شرحه نيل الأوطار ج ١ ص ٢٤١ وفي كنز العمال ج ٩ ح ٣٤٢ إلى غير ذلك من الروايات.
(١) حكاه عنهما في المختلف ١ : ٨٩ المسألة ٤٨.
(٢) لأنّ نسبة الخلاف إليه وإن كانت موجودة في المحلى ج ١ ص ٢٢٤ حيث قال : وذهب الأوزاعي إلى أن النوم لا ينقض الوضوء كيف كان ، إلاّ أن المصرح به في شرح صحيح مسلم على هامش إرشاد الساري في شرح البخاري ج ٢ ص ٤٥٤ أن الأوزاعي كالزهري وربيعة ومالك ذهب إلى أن كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بحال ، حيث قال : اختلف العلماء في هذه المسألة على ثمانية أقوال : الأول : أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء على أي حال كان ، حكى ذلك عن أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وأبي مجلز ( مجاز ) وحميد الأعرج وشعبة. الثاني : أن النوم ينقض الوضوء بكل حال ، وهو مذهب الحسن البصري والمزني وأبو عبيد والقاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه ، وهو قول غريب للشافعي قال ابن المنذر وبه أقول وروى معناه عن ابن عباس وأنس وأبي هريرة. الثالث : أن كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بحال ، وهو مذهب الزهري وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه. الرابع : إذا نام على هيئة من هيئات المصلي كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوءه سواء كان في الصلاة أو لم يكن ، وإن نام مضطجعاً أو مستلقياً على قفاه انتقض ، وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وقول للشافعي غريب. الخامس : لا ينقض إلاّ نوم الراكع والساجد ، روي هذا عن أحمد بن حنبل. السادس : لا ينقض إلاّ نوم الساجد ، روي أيضاً عن أحمد. السابع : لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال وينقض خارج الصلاة ، وهو قول ضعيف للشافعي. الثامن : إذا نام جالساً ممكناً مقعدته من الأرض لم ينتقض وإلاّ انتقض سواء قل أو كثر وسواء كان في الصلاة أو خارجها ، وهو مذهب الشافعي.