ما رواه هو قدسسره بنفسه عن زرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام حيث سألهما عما ينقض الوضوء؟ فقالا : ما يخرج من طرفيك الأسفلين : الذكر والدبر من غائط أو بول أو مني أو ريح والنوم حتى يذهب العقل .... (١) وهي صحيحة السند ومع روايته هذه وملاحظته الآية المباركة كيف يذهب إلى عدم ناقضية النوم للوضوء.
فلعلّ نظرهما فيما ذكراه في الرسالة والمقنع من حصر نواقض الوضوء في البول والغائط والمني والريح كما ذكره صاحب الحدائق (٢) إلى أن النواقض الخارجة من الإنسان منحصرة في الأربعة في مقابل القيء والقلس والقبلة والحجامة والمذي والوذي والرعاف وغيرها مما يخرج أو يصدر من الإنسان ، لأنها ليست ناقضة للوضوء خلافاً للعامة القائلين بالانتقاض بها (٣) لا أن مرادهما أن الناقض مطلقاً منحصر في الأربعة.
الجهة الثانية : النوم الناقض للوضوء هو النوم المستولي على القلب والمستتبع لذهاب العقل وتعطيل الحواس عن إحساساتها ، وإن شئت قلت : الناقض إنما هو حقيقة النوم فاذا تحققت انتقض بها الوضوء ، ويستكشف حصول تلك الحقيقة أعني الاستيلاء على القلب من النوم الغالب على الحاستين : السمع والبصر ، فإنّه أمارة على تحقّق الحقيقة الناقضة للوضوء ، لا أن نومهما موضوع للحكم بالانتقاض كي يتوهّم عدم انتقاض الوضوء في فاقد الحاستين بالنوم ، إذ لا عين له ليبصر وينام ولا اذن له ليسمع وينام.
ويدلّ على ذلك ما رواه زيد الشحام قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الخفقة والخفقتين؟ فقال : ما أدري ما الخفقة والخفقتين إن الله تعالى يقول ( بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) إن علياً عليهالسلام كان يقول : من وجد طعم النوم
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٧ / ١٣٧ ، الوسائل ١ : ٢٤٩ / أبواب نواقض الوضوء ب ٢ ح ٢.
(٢) الحدائق ٢ : ٩٤.
(٣) راجع الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٧٨ ٨٨.