مطلقاً حتى يترتب عليه جميع الآثار المترتبة على الجاري ، وتوضيحه : أن المياه الكائنة في الحياض الصغار في الحمامات ماء قليل ينفعل بملاقاة النجس لا محالة وكونها متصلة بالماء الكثير في موادها لا يوجب التقوي لدى العرف لعدم تقوي الماء السافل بالعالي حسب الارتكاز ، كما أن النجاسة لا تسري من السافل إلى العالي لأنهما ماءان متغايران عرفاً ، ومعه فمقتضى القاعدة انفعال الماء في الأحواض الصغار ولأجل هذه الجهة سألوهم عليهمالسلام عن حكمها وأنها تنفعل بالملاقاة أو لا تنفعل ، فأجابوا عليهمالسلام أنها معتصمة لاتصالها بالمواد فالسؤال عن حكمها إنما هو من جهة أن اعتصامها على خلاف القاعدة ، والتشبيه بالجاري في كلامهم عليهمالسلام لدفع توهم الانفعال ، ببيان أن مياه الأحواض الصغار لا تنفعل بالملاقاة ، لا أن حكمها حكم الجاري مطلقاً حتى يترتب عليه جميع الآثار المترتبة على الجاري.
فالصحيح عدم الفرق في الموارد التي اعتبر فيها التعدّد بين الغسل بالماء القليل والغسل بالكثير. نعم خرجنا عن ذلك في خصوص غسل المتنجِّس بالبول في الجاري للصحيحة المتقدِّمة المشتملة على قوله عليهالسلام « فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة » هذا كله في هذا المقام.
وثانيهما : الإناء المتنجِّس بالولوغ وأنه إذا غسلناه بالماء العاصم فهل يعتبر فيه التعدّد أو يكفي فيه الغسل مرة؟ وقد نسب القول بالتعدد إلى جماعة في المقام إلاّ أن الصحيح عدم الاعتبار كما أفاده الماتن قدسسره وذلك لما قدّمناه (١) من أن موثقة عمار الآمرة بغسل الإناء المتنجِّس ثلاث مرات مختصة بالماء القليل ، فان صبّ الماء فيه وتفريغه لا يتحقق عادة إلاّ في القليل ، وبها قيدنا المطلقات المقتضية للاجتزاء بالغسلة الواحدة في الماء القليل.
وأمّا الغسل بالمياه العاصمة فمقتضى إطلاق صحيحتي البقباق ومحمّد بن مسلم كفاية الغسل مرّة واحدة ، ولم يرد عليهما ما يقتضي التقييد في الكثير ونحوه ، فلا موجب لرفع اليد عن إطلاقهما حينئذ في غير الماء القليل. نعم إذا بنينا على أن
__________________
(١) في ص ٤٩.