وغيره ، ويكفي في طهارتهما الغسل مرّة واحدة ولو في غسالة المتنجِّس بالبول ، وذلك لأن المتنجِّس فرضنا أنه قد غسل مرّة واحدة وإلاّ لم يكن له غسالة حتى يحكم على ملاقيها بالنجاسة أو الطهارة فإذا غسل مرة ثانية حكم بطهارته لا محالة ، وأما كفاية المرّة الواحدة في ملاقي الغسالة فلأجل عدم كونه متنجساً بالبول حتى يجب غسله مرّتين ، وإنما هو متنجس بالمتنجس به وهي الغسالة.
المرحلة الثالثة : ما إذا كانت الغسالة من الغسلة المتعقبة بطهارة المحل إلاّ أنّا بنينا على نجاستها كما التزم به جماعة ومنهم الماتن قدسسره ولا ينبغي الإشكال في هذه الصورة في أن ملاقي الغسالة في الجملة محكوم بطهارته ، وذلك للسيرة القطعية الجارية على الاكتفاء بالغسل في تطهير المتنجسات ، مع أن غسل المتنجِّس يقتضي سراية الغسالة إلى جزء آخر من الأجزاء الطاهرة لا محالة ، ولا يمكن عادة غسل الموضع المتنجِّس من غير أن تسري الغسالة إلى شيء من أطراف المحل ، هذا.
بل لا يمكن الالتزام بنجاسة ملاقي الغسالة في نفسه ، إذ مع القول بها لا يتيسر الاكتفاء بالغسل في تطهير المتنجسات ، إذ لا بدّ من غسل كل جزء لاقته الغسالة لنجاستها ، وإذن امتنع تطهير مثل الأرض أو غيرها من الأشياء الكبار ، فان غسل الموضع المتنجِّس منها يوجب سراية الغسالة وجريانها إلى جزء آخر من الأرض فلا يتحقّق تطهير الأرض مثلاً إلاّ بغسل الكرة بأسرها ، هذا.
على أنه يمكننا الاستدلال على طهارة الملاقي في مفروض الكلام بالأدلة الواردة في تطهير المتنجِّسات ، وذلك بدلالة الاقتضاء وبالإطلاق المقامي ، حيث دلّت على طهارة البدن أو الثوب بغسل الناحية التي أصابها دم أو مني أو غيرهما من النجاسات فلو قلنا بنجاسة ملاقي الغسالة لم يمكن تطهيرهما ولا تطهير غيرهما من المتنجسات بصبّ الماء على الموضع المتنجِّس منهما وغسله ، إذ كلما طهّرنا جانباً نجّسنا جانباً آخر فلا تتيسر الطهارة إلاّ بغسلهما بأسرهما ، ومعه تصبح الأدلّة الدالّة على كفاية غسل الناحية المتنجسة منهما لغواً ظاهراً ، فإنّه أي فائدة في غسل تلك الناحية مع عدم حصول الطهارة به.