الأمر كذلك ، فانّ الدليل على لزوم الستر لم يكن إلا نفس هذه النصوص ، وحينئذ فيمكن قلب الدعوى فيقال إنّ مقتضى الإطلاق في هذه الأخبار الاكتفاء بكلّ ما صدق عليه الدرع والخمار سواء أستر اليدين والقدمين أم لا.
ومع الغض فتكفينا أصالة البراءة عن وجوب ستر الزائد على المقدار المتيقن مما يسترانه ، وهو ما عدا اليدين والقدمين.
وثانياً : أنّ ما ادّعاه قدسسره من توسعة الأكمام وطول الذيول إنّما ينفع لو كانت كذلك من جميع الأطراف كي يتحقق به ستر باطن اليدين والقدمين وظاهرهما ، وهذا من البعد بمكان ، إذ مقتضاه أن لا تتمكن المرأة من العمل في بيتها ولا الخروج منه ، لتعسر المشي عليها كما لا يخفى.
بل الظاهر أنّها كانت واسعة الأكمام من طرف واحد وهو الذي يلي باطن الكف ، كما أنّ طول الذيل كان من الخلف فقط كما هو المشاهد في نساء أهل الحجاز وغيرهن ، ومن الواضح أنّ مثل ذلك لا يكون ساتراً لظاهر اليدين ولا القدمين ، بل يكونان مكشوفين.
وثالثاً : سلّمنا التوسعة والطول من جميع الجوانب إلا أنّا لا نسلّم أن جميعها كانت كذلك ، بل إنّ بعضها كانت كما ذكرناه ، ولا سيما التي كانت تستعمل في البيوت لا عند الخروج ، ولا ريب أنّ إطلاق كفاية الدرع الوارد في النص يشمل الجميع. إذن فما عليه المشهور هو الصحيح ، هذا.
وربما يفصّل بين اليدين والقدمين ويدّعى اختصاص الاستثناء بالأول ويقتضيه ظاهر عبارة المحقق في الشرائع حيث قال قدسسره : عدا الوجه والكفين وظاهر القدمين ، على تردّد في القدمين (١).
ويستدلّ له بأنّ مقتضى نصوص الاكتفاء بالدرع والخمار وإن كان هو عموم الاستثناء كما سبق إلا أنّ صحيحة علي بن جعفر تدلّ بالمفهوم على لزوم ستر القدمين : « عن المرأة ليس لها إلا ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال : تلتف فيها
__________________
(١) الشرائع ١ : ٨٣.