ضرورة أنّ إلغاء هذه الخصوصية وعدم رعاية الملبوسية لكي يكتفى بالحشيش أو الصوف والقطن غير المنسوجين مخالف لظواهر هذه النصوص جدّاً ، فلا يمكن رفع اليد عنها بوجه.
ومما يؤكّد ذلك صحيحة أُخرى لعلي بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عرياناً وحضرت الصلاة كيف يصلّي؟ قال : إن أصاب حشيشاً يستر به عورته أتم صلاته بالركوع والسجود ، وإن لم يصب شيئاً يستر به عورته أومأ وهو قائم » (١).
حيث يظهر منها بوضوح أنّ المرتكز في ذهن السائل أنّه لو كان متاعه عنده والمتيقّن منه لباسه الذي بفقده أصبح عرياناً لزمته الصلاة لابساً ، بحيث كأنّه أمر مفروغ عنه ، ولذا سأل عن حكم صورة الاضطرار والعجز عن اللباس ، وقد أقرّه الإمام عليهالسلام على ذلك ، ومن ثم لم يتعرض في الجواب إلا لحكم هذه الصورة. فيكون ذاك الارتكاز بضميمة التقرير كاشفاً عن اعتبار اللباس في حال الاختيار.
ويؤيّده ما رواه الحميري بسنده عن أبي البختري عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهماالسلام أنه قال : « من غرقت ثيابه فلا ينبغي له أن يصلّي حتى يخاف ذهاب الوقت ، يبتغي ثياباً ، فان لم يجد صلّى عرياناً جالساً » (٢) فإنّ الستر بالحشيش ونحوه مما لا يلبس لو كان كافياً وكان في عرض الستر باللباس لما كان وجه للأمر بتأخير الصلاة إلى آخر الوقت وأنّه بعد اليأس من الثوب يصليها عارياً ، بل له ذلك من أوّل الوقت مع ستر عورته بالحشيش ونحوه. لكن السند ضعيف (٣) بأبي البختري فلا تصلح إلا للتأييد.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٤٤٨ / أبواب لباس المصلي ب ٥٠ ح ١.
(٢) الوسائل ٤ : ٤٥١ / أبواب لباس المصلي ب ٥٢ ح ١ ، قرب الإسناد : ١٤٢ / ٥١١.
(٣) وكذلك الدلالة عند المشهور ، حيث يحملون كلمة « لا ينبغي » على الكراهة.