ويكون التنصيص على هذا الفرد لمكان الاهتمام أو لكونه من أحد الأقسام والمصاديق البارزة ، ويكون الجمع بينهما في الآية من عطف العام على الخاص.
وحيث تعلّق النهي عن أكل غير المذكى بمقتضى قوله تعالى ( إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ .. ) إلخ (١) وعن الصلاة فيه في موثقة ابن بكير كما عرفت (٢) فيعلم من ذلك أنّ الموضوع في الحقيقة هو ذلك العنوان العام من دون خصوصية للميتة لما عرفت من أنّه لا مانع من تعلّق الحكم بعنوان وتعلّقه بعنوان آخر أوسع منه ، فيعلم أن العبرة بالثاني ، وإنّما ذكر الأوّل من باب التطبيق وكونه من أحد المصاديق ، بل قد يقال إنّ الميتة في لسان الأخبار مساوقة لعدم المذكى توسعاً في الإطلاق كما هو كذلك في العرف الحاضر.
وعلى الجملة : مقتضى الجمع بين الآيات الكريمة والروايات الشريفة أنّ الميتة بعنوانها لا اعتداد بها ، وإنّما هي من مصاديق غير المذكى ، وأنّ هذا العنوان هو المناط في ترتّب الحكمين المزبورين ، فلو شك في تعلّق التذكية بجلد ونحوه على الوجه الشرعي كان المرجع أصالة عدم التذكية ، ولا تعارضها أصالة عدم كونه من الميتة ، لما عرفت من عدم كونها بعنوانها موضوعاً للأثر. إذن فلا يجوز أكله كما لا تجوز الصلاة فيه.
نعم ، هي موضوع لخصوص الحكم بالنجاسة ، لعدم ترتّبها في شيء من الأدلّة على عنوان غير المذكى ما عدا رواية الصيقل (٣) الضعيفة السند ، وبذلك تمتاز عن الحكمين المزبورين ، لاختلاف موضوعها عن موضوعهما ، فانّ موضوع النجاسة في لسان الأدلّة هو عنوان الميتة ، ويلحق بها بعض ما ثبت بالنصوص الخاصة كأليات الغنم المقطوعة منها حال الحياة وما أخذته الحبالة من الصيد ، فاذا شككنا في جلد أنّه من الميتة حكم بطهارته لأصالة عدمها
__________________
(١) المائدة ٥ : ٣.
(٢) في ص ١٤٨.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٦٢ / أبواب النجاسات ب ٣٤ ح ٤.