عرفاً ، ومع الشك فأصالة البراءة محكمة ، على أنّ العجان يتستر بتستر القبل والدبر عادة ، ففرض تسترهما بدونه لعله لا يتفق أو نادر التحقّق. وكيف كان فستره بما هو لا دليل عليه كما عرفت.
مضافاً إلى تقييد العورة بالقبل والدبر في غير واحد من النصوص التي تقدّمت في بحث التخلي (١) فإنّها وإن كانت ضعيفة لكنها كثيرة مستفيضة.
وعن القاضي تحديدها بما بين السرة والركبة (٢) وعن أبي الصلاح وجوب ستر ما بين السرة إلى نصف الساق (٣).
أمّا الأخير فلا شاهد عليه أصلاً ، إذ لم ترد به ولا رواية ضعيفة. ولعلّه يريد ما ذكره القاضي ، والزيادة من باب المقدمة العلمية ، لكنّها تحصل بما دون ذلك من ثلث الساق أو ربعه ، بل أقل بمقدار يحرز معه ستر الركبة كما لا يخفى.
وأمّا تحديد القاضي ، فإن أراد تفسير العورة بذلك مطلقاً ولو في غير حال الصلاة فيردّه خروج ذلك عن مفهوم العورة عرفاً كما عرفت ، والروايات الواردة في تفسيرها وأنّها القبل والدبر دافعة لذلك كما مرّ. فلا دليل على هذا التحديد.
نعم ، ورد ذلك في موثقة الحسين بن علوان الواردة في نظر الرجل إلى عورة أمته المزوّجة من قوله : « والعورة ما بين السرة والركبة » التي تقدمت الإشارة إليها سابقاً (٤) لكن ذلك ليس تحديداً لمطلق العورة ، بل لخصوص عورة النساء السابق ذكرها في كلام الإمام عليهالسلام ، لأنّ المعرّف المكرّر لا يراد بالثاني إلا الأوّل كما مرّ (٥) فلا ينبغي الإشكال في جواز النظر إلى ما عدا القبل والدبر.
__________________
(١) شرح العروة ٤ : ٣٢١.
(٢) المهذب ١ : ٨٣.
(٣) الكافي في الفقه : ١٣٩.
(٤) في ص ٨٢.
(٥) في ص ٨٤.