شيخنا قدسسره فيما عرفت من كلامه قدسسره سابقا ـ فلا محالة يحكم بوجوب سلوك الطّريق الأقرب والأقوى ، فيرجع في غيره إلى أصالة الحرمة والأصول العمليّة الّتي يرجع إليها عند الشّك.
ومن هنا حكم في « المعالم » فيما عرفته سابقا بوجوب الأخذ بالظّن القويّ في حكم العقل وعدم جواز الأخذ بالظّن الضّعيف ، فيسلك في موارد الظّن الضّعيف ما يجب سلوكه في موارد الشّك من غير فرق بين تعلّقه بإثبات التّكليف الإلزامي ونفيه.
كما أنّه يجب الأخذ بمقتضى الظّن القوي الاطمئناني من غير فرق بين تعلّقه بإثبات التّكليف ونفيه وهذا معنى حجيّة الظّن الاطمئناني بدليل الانسداد ، لا ما أفاده قدسسره فإنّه ليس من حجيّة الظّن الاطمئناني في شيء ، بل هو تبعيض في الاحتياط وطرح له في مورد الظّن الاطمئناني بغير الأحكام الإلزاميّة ، وأخذ به في موارد الظّن بالتّكليف الإلزامي مطلقا ، والشّك فيه والظّن الغير الاطمئناني به. ومن هنا لا يثبت الحكم الاستحبابي بالظّن الاطمئناني القائم عليه ، وإن حكم بعدم وجوب الاحتياط في مورده كما اعترف به قدسسره في غير موضع من كلامه.
ومن هنا قال في المقام :
« ولكنّك خبير بأنّ هذا ليس من حجيّة مطلق الظّن ولا الظّن الاطمئناني في شيء ؛ لأنّ معنى حجيّته أن يكون دليلا في الفقه بحيث يرجع في موارد وجوده إليه لا إلى غيره ، وفي موارد الخلوّ عنه إلى مقتضى الأصل الّذي يقتضيه والظّن هنا ليس كذلك ؛ إذ العمل في موارد وجوده ففيما طابق منه الاحتياط ... إلى آخر ما أفاده قدسسره » (١).
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٥٠٥.