وهذا الّذي أفاده قدسسره وإن كان صحيحا يحكم به العقل المستقل كما ذكره فيما ساغ مخالفة الاحتياط اللاّزم في سلسلة المشتبهات بقدر ما يندفع به العسر والحرج ؛ فإنّ العقل يعين اختيار المخالفة فيما ظنّ بعدم الحكم الإلزامي بالظّن القوي ، إلاّ أنّه كما عرفت لا تعلّق له بمسألة حجيّة الظّنّ في شيء.
والكلام في تقرير الحكومة كتقرير الكشف بعد البناء على كون النّتيجة حجيّة الظّن ، فلا محيص إذن عن جعل الوجه في اختصاص النّتيجة بالظّن القوي في حكم العقل ما ذكرنا ، كما عرفته عن « المعالم » ويقتضيه قوله قدسسره ـ في تقريب الاستدلال على ذلك ـ : ( ثمّ إنّ العقل حاكم بأن الظّن القوي الاطمئناني أقرب إلى العلم عند تعذّره ... إلى آخر ما أفاده » (١).
فإنّه وإن ذكره لتقريب الاستدلال على التّبعيض في الاحتياط ، إلاّ أنّ نتيجته عند التّأمّل ما ذكرنا كما لا يخفى.
وعليه ينطبق ما أفاده قدسسره بقوله : « وإن شئت قلت : إنّ العمل في الفقه في موارد الانسداد على الظّن الاطمئناني ومطلق الظّن والتّخيير كلّ في مورد خاصّ ... إلى آخره ) (٢) فإنّه وإن كان المراد به ما أفاده من التّبعيض في الاحتياط إلاّ أنّ العبارة قاصرة عن إفادته.
فالحقّ في التّعبير عنه أن يقول ـ بدل ما ذكره ـ : إنّ العمل في الفقه على الاحتياط والظّنّ الاطمئناني بالمعنى الّذي ذكره من مخالفة الاحتياط في مورده
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٥٠٢.
(٢) نفس المصدر : ج ١ / ٥٠٤.