__________________
دليل الإنسداد في الأصول ؛ إذ قلّما توجد مسألة إلاّ وتوجد فيها أمارة مظنونة الإعتبار ، والمسائل الخالية منها ليست في الكثرة بحيث يلزم من الرجوع فيها إلى الأصول محذور.
لا يقال : مع تسليم إنسداد باب العلم في أغلب مسائل الأصول ولو مع قطع النظر عن جريان دليل الإنسداد أو في الفروع نمنع جريان سائر مقدّماته في الأصول.
إذ منها : حصول العلم بالضرورة من الدين ببقاء التكليف وعدم كوننا مهملين كالبهائم.
وهذه المقدّمة لا تجري في الأصول ؛ لأنه لا يخلو :
إمّا أن نقول بوجود حكم واقعي في كلّ واقعة كما هو ظاهر مذهب الخاصّة ووردت به أخبارهم وإنّما عزّيناه إلى ظاهر مذهبهم ؛ لأنّ ما علم بالضرورة وشهد به العقل : هو عدم خلوّ الوقائع المبتلى بها دون غيرها ، والتمسّك في ذلك بالأخبار لا يناسب دعوى الضرورة كما هو المدّعى وإن ادّعي تواترها.
وإمّا أن نقول : بخلوّ بعض الوقائع منه كما هو مذهب العامّة.
وعلى التقديرين : لا دليل على جعل الشارع أحكاما متعلّقة بالأصول.
أمّا على الأوّل : فإنّ مقتضاه عدم خلوّ واقعة من حكم واقعي لا من حكم ظاهري والأحكام المتعلّقة بالأصول ظاهريّة لا واقعيّة.
وأمّا على الثاني : فإنه مع عدم ثبوت التكليف في الواقع كيف يدّعى جعل حكم ظاهري متعلّق بطريقه؟ فضلا عن بقاء التكليف هذا مع إمكان منع العلم الإجمالي بتعلّق حكم ظاهري بالطّرق كما أوضحه المصنّف في الرّدّ على من إدّعى إنحصار نتيجة دليل الإنسداد في اعتبار الظنّ بالطرق فراجع.