فإنّه بعد حصول المعرفة العلميّة ، يسقط النّظر والاستدلال ؛ إذ لا محلّ له بعد حصولها وكون المقصود منه التوصّل إليها على ما عرفت ؛ إذ على تقدير علمهم بشكّهم ، وكون النّظر واجبا نفسيّا مستقلاّ ، أو كون تحصيل العلم واجبا كذلك من غير توقّف حصول الإيمان على حصوله ، لا يجوز السّكوت قطعا من باب إرشاد الجاهل إلى حكم الله تعالى ، وإن لم يكن مغريا على ما ذكره قدسسره من حيث كون العامي جاهلا بمسألة قبح الإغراء ، الّتي هي مسألة أصوليّة (١).
فإنّ دليل وجوب إرشاد الجاهل بالحكم الشّرعي العامل على خلافه ليس منحصرا في قبح إغراء الجاهل ، بل الدّليل العامّ الجاري في جميع الموارد هو حكم العقل من باب وجوب اللّطف ولزوم نقض الغرض من تشريع الأحكام. ولو عمّم المعروف والمنكر بالنّسبة إلى ما كان معروفا ومنكرا بحسب الواقع ونفس الأمر ، ولو كان الفاعل جاهلا بهما ، لجاز التّمسّك بما دلّ على الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من الأدلّة الأربعة.
ومن هنا وقع التمسّك به في « الكتاب » من شيخنا قدسسره في المقام ، وإن كان الأولى تحرير المقام بما عرفت. كما أنّ الأولى بل المتعيّن : تحرير وجه سكوت الأئمّة عليهمالسلام بما عرفت ، لا بما في « الكتاب » ؛ لأنّه لا يخلو عن مناقشة ظاهرة لمن راجع إلى ما أفاده في وجهه وما ذكرنا.
__________________
(١) في كونها أصوليّة كلام الا ان يريد به أصول الكلام.