فيسقط وجوب تحصيل العلم. كما أنّا نقول بسقوط النّظر والاستدلال بعد حصول العلم من التّقليد ؛ من حيث إنّ اعتبار النّظر إنّما هو من جهة توقّف حصول العلم غالبا عليه ، فإذا حصل التّوصّل بغيره أحيانا فيسقط وجوبه.
وثالثا : أنّه بعد البناء على وجوب تحصيل المعرفة العلميّة لا دليل على العفو عنه بعد البناء على إمكانه ، والإغماض عمّا قيل من عدم إمكانه ؛ من حيث كونه منافيا للّطف الواجب على الحكيم تعالى ، بل منافيا لغرضه من جعل التّكليف ، وبعث الرسل ، وإنزال الكتب ؛ من جهة كون العفو الحتمي عن المعصية موجبا للإقدام عليها من غالب النّفوس الضّعيفة ؛ فإنّ عدم قطع المعاشرة لا يدلّ على ما استظهره ؛ لأنّه أعمّ من ذلك ، لم لا يكون من جهة حمل كلام من قال بمثل قولهم ، على كونه معتقدا جازما؟ ولو من جهة طريقيّة كلامه إليه بالنّظر إلى ظهوره.
نعم ، هذا الاحتمال لا يجري في حقّ الأئمّة ( صلوات الله عليهم ) ؛ لانكشاف الواقعيّات لهم وعدم إمكان جعل الحكم الظّاهري في حقّهم.
فلا بدّ أن يقال : إنّ عدم قطع المعاشرة عن الأئمّة عليهمالسلام كما يحتمل أن يكون من جهة علمهم بشكّهم في الواقع على ما يقوله الشّيخ ، كذلك يحتمل أن يكون من جهة علمهم بعلمهم ؛ فلا يكون دليلا على العفو على ما استظهره قدسسره ، بل يعلم : أنّ سكوت العلماء وعدم ردعهم للعوام ؛ وعدم قطع المعاشرة معهم ، لا بدّ من أن يكون من جهة الحمل المذكور. وكذا معاملة الأئمّة معهم معاملة المؤمنين ؛ إنّما هو من جهة علمهم بعلمهم بالحقّ وإن لم يستندوا إلى دليل وبرهان.