المظنون الصّدور مطلقا ولو حصل الظّن بصدوره من غير صفات الرّاوي ، يوجب العلم بجواز التّدين بالخبر المظنون صدوره بواسطة مطابقته للأمارة الخارجيّة.
وهذا بخلاف ما لو حصل الظّن بصدوره بواسطة القياس وأشباهه ؛ فإنّ ما دلّ على وجوب إلقائه وكون مستعمله خارجا عن الدّين ، وأنّ أوّل من قاس إبليس ، مفسّر وشارح لدليل اعتبار الخبر المظنون الصّدور مطلقا. وأنّ اعتباره مقيّد بما إذا حصل الظّن بصدوره من غير القياس ، ولا يمكن عكس ذلك بجعل دليل اعتبار الخبر المظنون الصّدور حاكما على دليل حرمة القياس وأنّ المراد منه جعله حجّة مستقلّة ، لا ما يعمّه وجعله موجبا لتحقّق موضوع الحجّة بالوجدان ؛ لعدم الفرق بين الأمرين في صدق موضوع استعمال القياس ، وما هو المناط في حرمته.
وأمّا ما ربّما يتوهّم ـ : من أنّ جعله جابرا راجع إلى توسيطه لوجود قيد وجداني ، فالعمل حقيقة على المجبور لا بالقياس. وهذا بخلاف جعله حجّة ؛ فإنّ العمل عليه حقيقة ـ ففاسد جدّا.
وإلاّ أمكن أن يقال ـ علي القول بحجيّة الظّن مطلقا فيما حصل الظّن من القياس ـ : إنّ العمل ليس بالقياس بل بالظّن الحاصل منه وجدانا وقهرا ، وهو كما ترى.
فإن شئت قلت : إنّه لا فرق في صدق مناط الحرمة بين جعل القياس تمام العلّة أو جزئها هذا ، ولعلّه نتكلّم في شرح هذا بعد ذلك إن شاء الله تعالى.