وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في أنّ قضيّة الأصل الأوّلي عدم جواز التّديّن والالتزام بمقتضى الظّن مطلقا ، فكلّما حكمنا بترتّب شيء من الآثار المذكورة عليه ؛ فلا بدّ من أن يستند إلى قيام دليل عليه من جانب الشّارع أن يرجع حقيقة إلى عدم التّديّن بمقتضاه فيخرج عن موضوع الحرمة حقيقة ، مثلا إذا قيل بحجيّة شيء بشرط عدم قيام الظّن على خلافه ، وفرض في مورد وجود هذه الأمارة المعلّقة قيام ما شك في اعتباره من الظّنون على خلافها فإنّه يحكم بعدم حجيّتها حينئذ استنادا إلى دليل حجيّتها ؛ نظرا إلى التّعليق المعتبر فيه ، لا إلى الظّن القائم على خلافها حقيقة.
ومثله ما لو فرض التّعليق في أصل إفادتها الظّن نوعا أو شخصا بعدم قيام الظّن على خلافها مع إناطة اعتبارها بإفادة الظن ، بل ربّما يكون أمره أظهر. ففي مورد وجود هذا الظّن لا يعمل به أصلا ، وإنّما يعمل بالأصل في المسألة الفرعيّة من جهة عدم وجود الدّليل فيها ؛ نظرا إلى التّعليق المذكور بقسميه.
نعم ، هنا كلام ؛ في أنّه كيف يجامع ما سلكه قدسسره من تأسيس الأصل في المقامات الثّلاثة ، مع ما يسلكه بعد ذلك ـ عند الاستدلال على التّرجيح بالظّن من قاعدة الاشتغال ـ وأنّ مقتضى الأصل وجوب الأخذ بالرّاجح من المتعارضين؟وسنتكلّم فيه في محلّه إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّ تحقيق الكلام في المقامات الثّلاثة ، أعني : الجبر والوهن والتّرجيح بالظّن الغير المعتبر بقسميه ؛ إنّما هو من جهة وضوح حكم الظّن المعتبر بالنّسبة