بين الوجوب والاستحباب ؛ فإنه لو فرض هناك حكم مترتب على مطلق مرجوحية الفعل ترتّب على الأوّل ، كما أنّه لو فرض هناك حكم مترتّب على مطلق رجحانه ترتّب في الثاني ؛ لكون كل منهما معلوما بالفرض وإن لم يثبت بالبراءة عن التحريم الكراهة في الأول ، وبالبراءة عن الوجوب الاستحباب في الثاني ؛ فيجمع بين ترتّب آثار القدر المشترك في الصورتين ونفي الخصوصيتين فيهما.
وأمّا ما أفاده بقوله : « وهذا مبني ... الى آخره » (١) فهو غير محصّل المراد ؛ فإن ما أفاده من اختصاص التكليف بالإلزام ، إن أراد منه الاختصاص عند العلماء فقد اتفقوا على تعميمه بالنسبة إلى جميع الأحكام الخمسة حتى الإباحة.
وإن أراد منه الاختصاص بحسب اللغة والعرف العام فهو مبنيّ على كون الحكم في المقام مترتّبا في جميع الأدلّة اللفظيّة كتابا وسنة على لفظ التكليف.
وهو وإن كان كذلك بالنسبة إلى بعض الآيات وجملة من الأخبار التي ستمرّ عليك ، إلاّ أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق ولا ينفع كون لفظ التكليف واقعا في موضوع البعض ، وإن كان الظاهر من لفظ الكلفة في اللغة والعرف الإلزام ، فعلا أو تركا. مع أنه لا حاجة إلى هذا الظهور عند التحقيق ؛ لأن المشتمل على لفظ التكليف ظاهر في الإلزام لاقترانه في أكثره بما يكون دليلا عليه. ألا ترى إلى قوله تعالى :
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٨.