( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها ) (١) ونحوه؟ فإنه بقرينة لفظ « الوسع » ظاهر في نفي التكليف الإلزامي كما هو ظاهر.
وأمّا ما أفاده : من اختصاص الخلاف بين العلماء في البراءة والاحتياط بما هناك احتمال الإلزام (٢) ، فهو متعيّن ظاهرا وليس محلاّ للترديد ؛ إذ المستفاد من كلماتهم كأدلّة الطرفين نقلا وعقلا اختصاصه به كما يعلم من الرجوع إليها والتأمّل في أدلّة القولين ؛ لأن حكم العقل بالبراءة مبنيّ على قاعدة قبح العقاب من غير بيان ودفع العقاب المحتمل ، والأدلة النقلية أكثرها صريحة في ذلك وبعضها ظاهر فيه كما ستقف عليها ؛ لأنّ جملة من أخبار البراءة في بيان إثبات الطلق والحليّة في موارد احتمال النهي والأمر ، وأخرى : ظاهرة في نفي المؤاخذة والعقاب على ما لا يعلم ، وكذا أخبار الاحتياط ظاهرة في إثبات الحكم عند احتمال التهلكة ؛ فلا معنى مع ذلك لتعميم محل البحث.
فإن شئت قلت : بعد القطع بجواز كل من الفعل والترك لا يحتاج اختيار أحدهما إلى البناء على حكم خاصّ بل ينفى كل من الخصوصيّات المحتملة بالنّسبة إلى الأحكام المترتبة عليها بأصل العدم ، ففي دوران الأمر بين الاستحباب والإباحة مثلا يحكم بجواز الفعل قطعا.
__________________
(١) البقرة : ٢٨٦.
(٢) فرائد الأصول : ج ٢ / ١٨.