قال قدسسره ـ في عداد الوجوه الّتي ذكرها في قبال القائلين بحجيّة مطلق الظّن في الأحكام ؛ نظرا إلى أن نتيجة دليل الانسداد بنفسها أو بضميمة بطلان التّرجيح من غير مرجّح إطلاق حجيّة الظّن ـ ما هذا لفظه :
« الخامس : أنّه بعد البناء على حجيّة الظّن في الجملة على سبيل القضيّة المهملة كما قضت به المقدّمات الثّلاث المذكورة إذا دار الأمر فيه بين حجيّة جميع الظّنون أو الظّنون الخاصّة من دون مرجّح لأحد الوجهين لزم البناء على حجيّة الجميع ، لتساوي الظّنون إذن في نظر العقل وبطلان التّرجيح من غير مرجّح قاض بالتّعميم.
وأمّا إذا كان البعض من تلك الظّنون مقطوعا بحجيّته على فرض حجيّة الظّن في الجملة دون البعض الآخر تعيّن ذلك البعض للحكم بالحجيّة دون الباقي ؛ فإنّه القدر اللاّزم من المقدّمات المذكورة دون ما عداه ؛ إذ حكم العقل بحجيّة الكلّ على ما ذكر ليس من جهة انتفاء المرجّح بينها بحسب الواقع حتّى يجب الحكم بحجيّة الجميع [ كذلك ](١) ، بل إنّما هو من جهة عدم علمه بالمرجّح فلا يصح له تعيين البعض للحكم بالحجيّة دون البعض من دون ظهور مرجّح عنده فيتعيّن عليه الحكم بحجيّة الكلّ بعد القطع بعدم المناص عن الرّجوع إليه في الجملة ، فعموم الحكم إنّما يجيء حينئذ من جهة الجهل بالواقع ، ولا يجري ذلك عند دوران الأمر بين الأخصّ والأعمّ على نحو ما هو المفروض في المقام ؛ لثبوت حجيّة الأخصّ حينئذ على التّقديرين ، فبعد ثبوت حجيّة الظن في الجملة لا كلام إذن في حجيّة
__________________
(١) أضفناها من متن الهداية.