الضّرورة ويترك الباقي بعد ذلك ، هذا إذا كانت الظّنون متداخلة.
وأمّا إذا كانت متبائنة بأن كان أرباب الظنون الخاصّة مختلفين من غير أن يكون هناك ظنّ متّفق عليه بينهم ، أو كان ولم يكن وافيا بالأحكام كان اللاّزم الحكم بحجيّة جميع تلك الظّنون ؛ لدوران البعض المحكوم بحجيّته قطعا بين تلك الظّنون ، ولا ترجيح بينها فيجب الأخذ بجميعها من غير أن يسري إلى غيرها » (١).
إلى أن قال :
فإن قلت : إنّ المرجّح للأخذ بالبعض إنّما هو الأخذ بالمتيقّن بعد إثبات حجيّة الظّن في الجملة ، وإذا دار ذلك البعض بين ظنون عديدة انتفى المرجّح المذكور فلا قاضي إذن بترجيح البعض ، بل يساوي تلك الأبعاض وغيرها من الظّنون لوقوع الخلاف في الجميع.
قلت : إنّ هناك درجتين لتسرية الحجيّة إلى الظّنون :
إحداهما : أن يحكم بحجيّة تلك الأبعاض الخاصّة بعد العلم بحجيّة الظّن في الجملة ودوران الحجّة بين جميع تلك الأبعاض وبعضها ؛ نظرا إلى انتفاء التّرجيح بين تلك الأبعاض وعدم المناص عن العمل.
[ ثانيهما ](٢) : أن يتسرّى إلى جميع الظّنون منها ومن غيرها. ومن البيّن أنّ العقل حين جهالته ودوران الأمر عنده بين الوجهين إنّما يأخذ بالأخصّ ، فإنّ
__________________
(١) هداية المسترشدين : ج ٣ / ٣٦٩ ـ ٣٧١.
(٢) أضفناها من متن الهداية.