ولكن قد يناقش فيما أفاده ـ بالنسبة إلى ( ما لا يعلمون ) ـ : بأن مورد حكم العقل بقبح المؤاخذة على « ما لا يعلمون » إنّما هو فيما أمكن فيه الاحتياط كما ستقف على تفصيل القول فيه عند الاستدلال في الدليل العقلي على البراءة في « الكتاب ».
فلو بدّل قوله قدسسره : « مع إمكان الاحتياط » (١). بـ « مع إيجاب الاحتياط » كان سليما عن المناقشة فلعلّه سهو من قلمه الشريف.
نعم ، لو كان الدليل العقلي على البراءة ما توهّمه السيّد أبو المكارم : من قبح التكليف بما لا يطاق ، كان ما أفاده قدسسره صحيحا وسليما عن الإيراد ؛ فإن إمكان الترك يرفع موضوع القاعدة المذكورة ، لكنّه توهّم أفسده قدسسره فيما سيأتي من كلامه ، فتدبّر.
وكذا ما أفاده بالنسبة إلى ( ما لا يطيقون ) ؛ لأنه إن أريد من التكليف الشاق التكليف بغير المقدور لم يكن فرق في قبحه عقلا بين ما كان مسبّبا عن اختيار المكلف وغيره كما برهن عليه في محلّه ، وإن زعم بعض التفصيل فيه على خلاف التحقيق الذي بني الأمر عليه وفاقا للمحقّقين ، وإن كان المراد منه ـ كما هو صريح قوله : « والمراد بما لا يطاق في الرواية ما لا يتحمّل عادة » (٢) ـ التكليف بالأمر
__________________
(١) المصدر السابق : ج ٢ / ٣١.
(٢) المصدر السابق بالذات.