الحرجيّ المتعسّر فلا قبح فيه أصلا عنده وعند المشهور كما بيّن في محلّه.
كيف! وهو واقع في الشرعيّات في الجملة ، وإن زعم بعض مشيخة (١) شيخنا خلافه في « عوائده » متخيّلا : ( أنّ رفع الحرج عقلي وأن الواقع في الشرعيّات من التكاليف بالأمور العسرة كالجهاد ونحوه ليست من التكليف بالأمر الحرجي بعد ملاحظة زيادة الأجر والثواب عليه ) (٢).
فالحق أن نقول : مع قبح التكليف عقلا بالأمر الحرجي مطلقا : إنّ الرواية من أدلّة نفي الحرج شرعا كقوله تعالى : ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٣) وقوله تعالى : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٤) ونحو ذلك هذا.
وكذا يقال بالنّسبة إلى باقي التسعة ؛ فإنّ المؤاخذة عليه مما لا يحكم العقل بقبحه حتى في مورد الإكراه والاضطرار.
فإن المراد من الأوّل : ليس الفعل الصّادر عن إجبار بحيث يرتفع الاختيار عن المكره بالفتح ، بل المراد به : ما يوقعه المكره اختيارا خوفا من المكره بالكسر ، ولذا وقع التكليف به في الشرعيّات كما في الزّنا ونحوها.
__________________
(١) هو الفقيه المحقّق الشيخ أحمد النراقي المتوفي سنة ١٢٤٥ ه. ق.
(٢) عوائد الأيّام : ١٩٠ ـ ١٩١ ، العائدة : ١٩.
(٣) الحج : ٧٨.
(٤) البقرة : ١٨٥.