أقول : قد يناقش فيما أفاده : من جعل مفاد الرّواية أصلا في المسألة بحيث لا يصلح للمعارضة مع دليل الاحتياط ؛ فإنه على تقدير كون الكلمة موصولة أضيف إليه السّعة ؛ يكون مفادها إثبات السّعة ونفي الضيق بالنسبة إلى الحرمة المجهولة ، فإنّها غير معلومة ولو بملاحظة أخبار الاحتياط ؛ فإنها لا توجب العلم بالحرمة الواقعيّة ، وإنّما تثبت وجوب التحرّز في مورد احتمالها فتثبت الضيق في قبال الرواية فلا محالة يقع التعارض بينهما على تقدير تسليم دلالة أخبار الإحتياط على هذا المعنى كما هو ظاهر ، فالرّواية تنفي وجوب الاحتياط عند احتمال الحرمة من حيث عدم العلم بها ، لا من حيث عدم العلم به ؛ حتى يقال بثبوته والفرق بينهما ظاهر ، فافهم.
وأمّا على تقدير كونها مصدرية زمانيّة فالأمر كذلك أيضا ، وإن لم يكن مثل الأوّل في الظهور ؛ فإنّه يصدق بعد ورود أخبار الاحتياط أيضا : أن المكلّف غير عالم بالحكم الواقعي ؛ وإن لم يصدق عليه الجاهل بقول مطلق بعد فرض علمه بالحكم الظاهري فتأمل.
__________________
كون الإضافة للعهد كما صرّح به علماء الأدب ، ولا عهد إلاّ حكم العقل المركوز في الأذهان بقبح العقاب بلا بيان فتكون الرّواية مساوقة لحكم العقل فلا تعارض أدلّة الأخباريين.
وفيه : انّه يكفي في المعهوديّة أنّ في كل حكم ضيقا وسعة بحسب ما ارتكز في الأذهان وفي العرف ، وفيما نحن فيه ضيقه الإحتياط وسعته البراءة فالناس في سعة » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ج ٢ / ٨٩.