على ما عرفت ، وستعرف : من كون سبب الشكّ في الحكم أحد الأمور المذكورة ، وهذا بخلاف الشبهة الموضوعية ؛ فإنه لو لا وجود القسمين في نوع الموضوع ، لم يكن هناك شكّ من حيث الحليّة والحرمة في فرد من أفراده كما هو ظاهر.
فتبيّن مما ذكرنا كلّه من كلامه : ضعف ما أفاده الفاضل النراقي قدسسره شاهدا على التعميم من لزوم التخصيص من الوجهين ، والتقييد من وجه على تقدير حمل الصحيحة على كلّه خصوص الشبهة الموضوعية بقوله : « والمعنى الثالث يوجب تخصيص قوله عليهالسلام : « كل شيء » بما علم فيه خصوص النوع الحلال وخصوص الحرام وبما كان النوعيّة باعتبار غير الحلّيّة والحرمة ... إلى آخر ما ذكره » (١).
فإن ظهور قوله عليهالسلام : « فيه حلال وحرام » فيما ذكرنا من بيان منشأ الاشتباه ، يكشف عن اختصاص الشيء الذي هو الموضوع بما يكون وجود القسمين فيه منشأ للشكّ الواقع فيه وسببا له بنحو من السببيّة ، فلا عموم وإطلاق له حتى يلزم التخصيص والتقييد من غير مخصّص ومقيّد ، مع أنه على تقدير لزومهما يكون ما ذكرنا من الظهور قرينة عليهما وكاشفا عنهما ، ولا يمكن العكس ؛ لكونه حاكما عليهما كما لا يخفى.
فإن قلت : إنه كما يكون وجود النوعين سببا دائما للاشتباه الواقع في الشبهة الموضوعيّة على ما ذكرت ، كذلك يمكن صيرورته سببا له في الشبهة الحكميّة
__________________
(١) أنظر مناهج الأحكام : ٢١٢ ، ذيل المعاني الستة من الصنف السادس من الأخبار الواردة في المقام الثاني من البحث الأوّل من المنهاج الأول من المقصد الرابع ( في الأدلة العقليّة ).