« دلّت هذه الأخبار على انحصار الحرام بما حرّمه الله في القرآن وأن ما سواه مباح يخرج ما خرج بالدليل فيبقى الباقي وهي بعمومها شاملة للأعيان والأفعال ، وتخصيص مواردها بالمأكولات غير ضارّ ؛ لأن العبرة بعموم الجواب. مع أنه لا قائل بالفصل » (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
وأنت خبير بأنه لا تعلّق لهذه الأخبار أمثالها من العمومات الاجتهادية المقتضية لحليّة الأشياء من الآيات مثل قوله تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ ) (٢) ونحوه والأخبار بالمقام ؛ فإنّ البحث عن حكم ما لم يقم دليل على حليّته وحرمته بحسب الأصل الأوّلي ، لا عن قيام الدليل على حليّة كلّ شيء بعنوان العموم وإن كان قيامه مع تماميّته من جميع الجهات مغنيا عن التكلم في الأصل الأوّلي فإنه على تقدير تسليم كون الأصل هو الحظر ووجوب الاحتياط فيما شك في حرمته وعلّيّته كان المتعيّن الرجوع إلى تلك العمومات الاجتهادية أيضا ، فلا ينفع الأخباري أخبار الاحتياط ، كما أنه لا جدوى للمجتهد لطول البحث فيما دلّ على البراءة في الشبهة الحكميّة.
ثانيهما : ما دلّ من الروايات على أن « كلّ شيء حلال حتى تعلم أنه حرام
__________________
(١) لم نعثر عليه في مظانّه.
(٢) المائدة : ٥.