__________________
وأمّا ثانيا : فلأنّه لو سلّمنا كون احتمال الضّرر موضوعا لحكم العقل بحرمة المحتمل مطلقا ـ كما أراده المصنّف ـ فإن ذلك أيضا وارد على قاعدة العقاب بلا بيان ؛ لأنه يكون بيانا للحكم الظاهري وأنه يترتب العقاب على المشكوك مطلقا فكيف لا يصلح ذلك لوروده على قاعدة القبح؟ وكيف يمكن الفتوى بجواز شرب التتن فعلا مع ثبوت هذه الحرمة الظاهرية له وترتّب العقاب عليه بالفرض؟
فقوله : « إن الحكم المذكور على تقدير ثبوته لا يكون بيانا للتكليف المجهول المعاقب عليه » منظور فيه ؛ لأن عدم البيان الذي أخذ في موضوع حكم العقل لقبح العقاب أعمّ من البيان الظاهري ، ومن هنا يقال ونقول : انه لو تم أدلّة الأخباري على إثبات الحرمة الظاهريّة التي هي أحد الوجوه الأربعة المسندة إلى الأخباريين كفى في ردّ الأصولي القائل بالبراءة وإثبات الإحتياط الذي يدّعيه الخصم.
وقد أضاف المصنّف على ما في المتن في الحاشية ـ على ما في بعض النسخ ـ وجها آخر لدفع معارضة قاعدة القبح بقاعدة دفع الضّرر وهو لزوم الدور ومحصّل بيانه :
أنّ إبطال قاعدة قبح العقاب بلا بيان موقوف على تماميّة قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل وتماميّة هذه القاعدة موقوفة على تحقّق موضوعه أعني احتمال الضّرر موقوف على إبطال قاعدة القبح فإبطالها موقوف على إبطالها.
وفيه : أولا : أنه يمكن العكس وتقرير الدور من جانب قاعدة دفع الضرر لينتج سقوط القاعدتين بأن يقال : إبطال قاعدة دفع الضرر موقوف على تماميّة قاعدة العقاب بلا بيان وتماميّة هذه القاعدة موقوفة على تحقّق موضوعه أعني عدم ثبوت البيان وهو موقوف على