وأمّا الأوّل ؛ فلأن المفروض عدم وجود بيان من الخارج بالنسبة إلى التحريم المحتمل.
فينحصر الأمر في جعل نفس حكم العقل بوجوب الدفع بيانا وهو لا يصلح له جدّا بعد توقّفه عليه ، للزوم الدّور الظاهر ، فجعل القاعدة بيانا ورافعا لموضوع قاعدة القبح وواردة عليها دوريّ ، فيختصّ جريانها بموارد وجود البيان بالنسبة إلى الواقع ، كمواضع العلم الإجمالي بالتكليف المنجّز ، أو موارد احتمال العقاب من دون بيان ، كمواضع احتمال التكليف الإلزامي من دون فحص في موارد الشكّ في الحكم الكلي. ومن هنا اتّفقوا على وجوب النّظر في معجزة مدّعي النبوّة من حيث احتمال الضّرر في تركه.
فتبين ممّا ذكرنا كله : أن القاعدة لا تصلح مانعة من جريان قاعدة القبح والتمسّك بها في المقام ، وهذا البيان كما ترى ، تمام لا يحتاج إلى جعل قاعدة القبح واردة على قاعدة وجوب الدفع ، وإن كان الأمر كذلك في نفس الأمر ، من حيث إن عدم احتمال العقاب على الواقع المحتمل بعد الفحص في مظان وجوده واليأس عنه ، مستند إلى حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان ولا يتوجّه عليه لزوم الدور أصلا ؛ حتى قيل بتعاكس الدورين مع امتناعه ؛ ضرورة أن عدم العلم بالتحريم لا يستند إلى حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان.
وهذا بخلاف احتمال العقاب ؛ فإنه لا بدّ أن يستند إلى حكم العقل بوجوب