الدفع على تقدير إجرائه والاستناد إليه ، ويشهد لما ذكرنا ـ مع وضوح أمره ـ : أن توهّم : ورود القاعدة على قاعدة قبح العقاب من غير بيان ، يوجب رفع اليد عن القاعدة رأسا وعدم العمل بها في مورد من الموارد ، وهذا بخلاف العكس ؛ فإن موارد إعمال قاعدة وجوب الدفع على ما عرفته لا تحصى كثرة هذا.
وإن شئت قلت : إن كبرى القاعدتين عقلية قطعيّة يحكم العقل بها على سبيل البداهة والضرورة ، فكل مورد يحكم بعدم جريان إحداهما فلا بدّ أن يستند إلى عدم الموضوع والصغرى ؛ ضرورة امتناع طريان التخصيص في الأحكام العقلية ، وقد عرفت : عدم تحقق احتمال العقاب في المقام ومحلّ البحث.
نعم ، البيان الصّالح لرفع موضوع القاعدة : هو حكم الشارع بوجوب الاحتياط في موارد احتمال الحكم بالوجوب الظاهري الشرعي على ما ستقف على شرح القول فيه عن قريب.
وأمّا ما أفاده شيخنا قدسسره بقوله المتقدّم : « فلو تمّت عوقب على مخالفتها ... الى آخره » (١) فقد يوجّه : بأن المراد من تماميّتها بعد البناء على عدم صلاحيتها للبيان بالنسبة إلى الواقع المحتمل من حيث لزوم الدور المحال ، لا معنى لها إلاّ بجعلها حكما ظاهريّا وطلبا نفسيّا يعاقب على مخالفته من غير أن يكون بيانا بالنسبة إلى
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٥٧.