والإجمال بالاعتبارين كالعلم أمر واضح لا سترة فيه أصلا كوضوح ما أفاده في بيان مصداق الظّن الإجمالي ، حيث إنّه بعد العلم الإجمالي بجعل الظّن ؛ نظرا إلى دليل الانسداد حيث إنّه فرض إهمال نتيجته والظّن التّفصيلي بعدم اعتبار جملة من الأمارات حتّى في زمان الانسداد وكونها ملحقة بالقياس حكما أو موضوعا ، يظن بأنّ الحجّة في غيرها كلاّ أو بعضا ، فيكون البعض اللاّبشرط مظنون الاعتبار لا محالة هذا.
وقد عرفت من كلام المحقّق المحشّي قدسسره فرض القسمين أي : الإجمال والتّفصيل بالنّسبة إلى المعيّن الأوّل أيضا كما فرضهما بالنّسبة إلى هذا المعيّن حيث إنّه يمكن أن يقال ـ بعد فرض عدم العلم التّفصيلي بما تيقّن اعتباره من الأمارات ـ : إنّا نعلم إجمالا بأنّ فيما قيل باعتباره من حيث الخصوص على اختلاف أنواعه وأقسامه واختلاف الأصحاب فيه ، ما يكون أولى بالاعتبار بالنّسبة إلى غيره فيكون الأخذ بتمام أطراف هذا المتيقّن المعلوم بالإجمال وهو جميع ما قيل باعتباره من حيث الخصوص متعيّنا في نظر العقل بالنّسبة إلى ما يكون خارجا من أطرافه هذا.
ولكنّك خبير : بأنّ تصوير ما أفاده في غاية الإشكال حيث إن اختلافهم إن كان راجعا إلى الظّنون المتداخلة ؛ بأن كان ممّا اتّفق عليه الكلّ ، كالخبر الجامع للشّروط الخمسة الّذي تعرّض له شيخنا قدسسره في « الكتاب » فهو معلوم تفصيلا فيما لم يبلغ اتّفاقهم مبلغ الإجماع ، وإلاّ كان من الظّنون الخاصّة على ما أسمعناك سابقا وإن رجع إلى الظّنون المتباينة : بأن ذهب كلّ فريق إلى حجّيّة ما ينكره الفريق الآخر ، فليس متيقّن معلوم بالإجمال.