شيخنا قدسسره ؛ نظرا إلى إيجاب العلم الإجمالي بإرادة خلاف الظّاهر من العمومات والإطلاقات إجمالها إذا بلغ حدّ الشّبهة المحصورة كما هو المفروض ، فلا يبقى ظهور أصلا ، فكيف يدّعي حصول الظّن منها ولو نوعا؟
اللهمّ إلاّ أن يكون مراده قدسسره ممّا أفاده أنّ مجرّد كثرة الخبر الجامع للشّروط الخمسة لا يوجب الحكم بوجود المتيقّن الكافي نظرا إلى عدم بقائه على شرائط الحجيّة من جهة العلم الإجمالي الموجب للإجمال ، فالمنع يرجع حقيقة إلى وجود المتيقّن وصفا وإن كان ذاته موجودة كما هو ظاهر فتدبّر.
فلا بدّ إذن أن يتسرّى إلى المتيقّن بالإضافة على تقدير وجوده وكفايته.
اللهمّ إلاّ أن يمنع وجوده ؛ نظرا إلى عدم ميزان يميّز به المتيقّن بالإضافة إلى غير المتيقّن الحقيقي من الأمارات الأخر ، ولأجله أمر قدسسره بالتّأمّل بعد الحكم بالتّسرية ، أو لما ستعرفه بعد ذلك من كلامه قدسسره.
(١٧) قوله قدسسره : ( ففيه : أنّ ضبط مرتبة خاصّة له متعسّر ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٤٧٥ )
أقول : لا يخفى عليك : أنّ ما أفاده قدسسره مبنيّ على كون المراد من هذا المرجّح إناطة التّرجيح بمطلق القوّة والضّعف الإضافيّين ؛ إذ كما أنّ أصل تشخيص مراتب الظّن في نفسها من جهة كثرتها وغموضها بالشّدّة والضّعف في غاية الإشكال ، كذلك تشخيص مرتبة الظّنّين الموجودين في المسألتين ، بل الإشكال في الثّاني ناش عن الإشكال في الأوّل عند التّحقيق.
وأمّا لو كان المراد إناطته بالقوّة البالغة حدّ الاطمئنان فلا يتوجّه عليه المناقشة المذكورة الرّاجعة إلى المنع الصّغروي كما اعترف به قدسسره فأورد عليه : أوّلا :بندرته بعد الحكم بكونه ملحقا بالعلم حكما بل موضوعا الّذي لم يعلم المراد منه