(١٤٠) قوله قدسسره : ( أحدهما : أنا نعلم إجمالا قبل مراجعة الأدلّة الشرعيّة بمحرّمات كثيرة ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٨٧ )
أقول : لا يخفى عليك : الاستدلال بالدليل العقلي على مذهب الأخباري ؛ إمّا أن يكون من جهة كونه من العقل الفطري على أبعد الوجوه ، أو الضروري الغير المعارض بالعقل ، أو النظري المعاضد بالنقل ، أو يكون مبنيّا على الإلزام ؛ لأن الاستدلال به على مذهبهم لا يجوز إلا بأحد التقادير.
ثمّ إن الفرق بين الوجهين مع ابتنائهما على احتمال الضرر ، هو ملاحظة العلم الإجمالي على الوجه الأوّل ، وعدم ملاحظته على الوجه الثاني.
ثمّ إن محصّل هذا الوجه : أنا نعلم إجمالا بوجود محرّمات كثيرة في الوقائع المشتبهة نسبتها إلى المحتملات نسبة الحرام إلى الحلال في الشبهة المحصورة ، فهي من شبهة الكثير في الكثير. كما أن الشبهة المحصورة من شبهة القليل في القليل ، ومقتضى العلم الإجمالي بحكم العقل المستقل على ما عرفت مرارا وستعرفه : تنجّز الخطاب بالمعلوم إجمالا ، فلمّا كان محتملا في كلّ شبهة فيحتمل العقاب عند ارتكاب كل شبهة ويستقل العقل بوجوب دفعه ، وهذا معنى أن الاشتغال اليقيني يقتضي في حكم العقل البراءة اليقينيّة ، فإن مبنى وجوب تحصيل العلم بالبراءة عن التكليف المعلوم والخطاب المنجّز في حكم العقل هو حكمه بلزوم دفع الضّرر المحتمل.
ومن هنا أنكر وجوب الاحتياط في الشبهة المحصورة ونحوها من صور