بعد ما يلزم على المكلّف ببقاء التّكليف وانسداد باب العلم بالظّن في الجملة ولا يعلم أنّه أي ظنّ لو عمل بالظّن المظنون حجيّته ، كما أنّ المسافر يسلك السّبيل الّذي سلكه رفقاؤه ما الضّرر فيه وأي نقص يلزم عليه.
فإن قلت : هو ترجيح بلا مرجّح ، فغلطت غلطا ظاهرا ، وإن كان غيره فبيّنه حتّى ننظر.
وثالثا (١) : نقول : إنّه يجب العمل بالظّن المظنون الحجيّة ؛ لأنّه كما أنّك تقول : يجب علينا في كلّ واقعة البناء على حكم ولعدم كونه معلوما يجب في تعيينه العمل بالظّن ولا يلزم ترجيح بلا مرجّح ، مع أنّ تعيينك ليس إلاّ بالظّن ، فكذا نقول :إنّه بعد ما وجب علينا العمل بظنّ ولم نعلم تعيينه يجب علينا في تعيين هذا الظّن العمل بالظّن وكيف لا يلزم في الأوّل ترجيح بلا مرجّح ويقبح التّرجيح بالظّن ويلزم في الثّاني ولا يصحّ؟!. ولعمري إنّ هذا لشيء عجاب!!
وبتقرير آخر إن تقول (٢) : إنّ سدّ باب العلم وبقاء الأحكام وبطلان سائر الاحتمالات المذكورة بنفسها موجبة للعمل بكلّ ظنّ وأصالة حجيّته ، فبيّن لنا الملازمة حتّى نستفيد منك.
وإن تقول : إنّها موجبة للعمل بالظّن في الجملة ، ولكنّه غير متعيّن لنا بالطّريق العلمي ، فإن لم يكن سدّ باب العلم مستلزما للعمل بالظّن فلم أخذته في أصول دليلك؟
__________________
(١) عطف على ثانيا وأوّلا في كلام للفاضل المزبور لم يذكره صاحب البحر ها هنا إختصارا ، أنظر : ص ٣٩٥ من عوائد الأيّام.
(٢) كذا والصحيح : « إن تقل » وكذا في الّذي بعده فلاحظ.