وإن كان ففي هذا المقام أيضا كلّفنا بالعمل بظنّ من الظّنون وباب العلم به منسدّ فاعمل فيه أيضا بالظّن واحكم بحجيّة كلّ ظنّ كان دليل ظنّي على حجيّته ، وهو الأخبار الواردة في الكتب المعتبرة من أصحابنا الّتي دلّت الشّهرة ، والإجماع المنقول ، ومفهوم الكتاب ، ومنطوق الأحاديث الغير المحصورة ، والقرائن المتكثّرة على حجيّتها كما بيّناه مفصّلا في « شرح تجريد الأصول » و « المناهج » (١) و « أساس الأحكام » و « مفتاح الأحكام ».
فإن قلت : الدّليل الظّني على حجيّة الأخبار لا ينفي حجيّة ظنّ آخر.
قلنا : نعم ، ولكن لا يكون حينئذ دليل على حجيّة ظن آخر إذ بعد ثبوت وجوب العمل بظنّ مظنون الحجيّة ينفتح باب الأحكام ولا يجري دليلك في ظنّ آخر ويبقى في تحت أصالة عدم الحجيّة » (٢). انتهى كلامه رفع مقامه.
وأمّا التّفريع الّذي أفاده بقوله : « وممّا ذكرنا يظهر في آخر كلام البعض (٣) المتقدّم ذكره ... إلى آخره » (٤).
فهو وإن كان مستقيما بالمعنى الّذي عرفته فيقال : إنّ كون المرجّح أمرا وجدانيّا قطعيّا لا يقتضي كون التّرجيح من جهته عند الشارع قطعيّا ، بل قطعيّة
__________________
(١) أنظر مناهج الأحكام : ٢٥٦ ، المقصد الأوّل في الإجتهاد والتقليد ، مناهج في حجّيّة الظن في الأحكام.
(٢) عوائد الأيّام ، العائدة : ٤١ / ٣٩٦ ـ ٣٩٨.
(*) هو الشيخ محمّد تقي صاحب الحاشية على المعالم.
أنظر هداية المسترشدين : ج ٣ / ٣٦٢ ـ ٣٦٥ و ٣٩٤ ـ ٣٩٥ من الطبعة الحجريّة.
(٣) فرائد الاصول : ج ١ / ٤٨٦.