التّرجيح من جهته عند الشارع تابع لقيام الدّليل القطعي عليه وإلاّ فوجوده كعدمه عند العقل ، وإن أوجب الظّن باعتباره الظّن برجحانه عند الشّارع إذا لم يحصل ممّا قطع بعدم اعتباره ؛ فإنّه إذا لم ينته إلى القطع كما هو المفروض لا يترتّب عليه أثر.
وببالي إنّ غلط النّسخة الّتي كانت عند شيخنا قدسسره ألجأه إلى هذا المعنى ؛ فإنّ الموجود في النّسخة الصحيحة : أنّ كون المرجّح ظنّا لا ظنيّا فقال قدسسره : « فإنّا نقول : إنّ كون المرجّح قطعيّا لا يقتضي ذلك » (١) ، أي : كون المرجّح أمرا قطعيّا وجدانيّا وهو عين مطلب البعض المتقدّم ذكره.
نعم ، ما أفاده بقوله : « وإلاّ فليس ظنيّا أيضا » (٢) لا يخلو عن مناقشة يظهر بملاحظة ما ذكرناه. اللهمّ إلاّ أن يحمل على نفي الاقتضاء والملازمة ؛ إذ ربّما يحصل ممّا يقطع بعدم اعتباره عند الشارع كالقياس وأشباهه فتأمل.
وأمّا ما أفاده قدسسره : من استظهار الخلط من المعترض بين التّرجيح بلا مرجّح في مقام الإيجاد والتّكوين وبينه في مقام الإلزام والتّشريع بقوله : « ثمّ إنّ ما ذكره الأخير في مقدّمته : من أنّ التّرجيح بلا مرجّح قبيح ، بل محال يظهر منه خلط ... إلى آخر ما أفاده » (٣).
فهو في كمال الجودة والاستقامة ؛ ضرورة أنّ المتّصف بالحسن والقبح بمعناهما الّذي وقع النّزاع فيه بين العدليّة والأشاعرة في مسألة التّحسين والتّقبيح
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٤٨٦.
(٢) فرائد الأصول : ج ١ / ٤٨٦.
(٣) نفس المصدر السابق.