العقليّين هو الأفعال الاختيارية للمكلّفين ، كما أن مفروض الأحكام الشّرعيّة أيضا الأفعال الاختياريّة ليس إلاّ ، فما يوجد من الممكنات من الفاعل المختار إن لم يكن له مرجّح لوجوده ولو كان مرجّحا نفسانيّا جزافيّا لا عقلانيّا ولو كان هو الإرادة بزعم الأشعري لم يمكن إيجاده ووجوده ، وإلاّ خرج عن كونه ممكنا ؛ لأنّ نسبته إلى طرفي الوجود والعدم على السواء لا اقتضاء له بحسب ذاته لأحد الأمرين أصلا.
ومن هنا ذكر المتكلّمون : أنّ التّرجيح بلا مرجّح يؤول إلى التّرجّح بلا مرجّح ؛ ضرورة أنّه إذا فرض عدم استناد وجوده إلى المرجّح فلا محالة يوجد بلا موجد ، وهو ممّا اتّفقت كلمتهم على استحالته من جهة ضرورة حكم العقل بها بعد فرض الإمكان والإلزام والحكم سواء كان من الشارع ، أو غيره من جهة كونه فعلا وإيجادا اختياريّا من الحاكم لا بدّ له من مرجّح ، وإلاّ استحال وجوده ، من غير فرق بين الشارع وغيره.
إلاّ أنّ الشارع لا يختار بالنّظر إلى الحكمة والعصمة إلاّ المرجّحات العقلائية لا أنّه يمتنع اختيار غيره ذاتا ؛ لأنّ الحكمة والعصمة لا يوجب سلب الاختيار كما هو بديهيّ.
وغيره قد يختار ما لا يكون مرجّحا عقلانيا وبعد وجود المرجّح بهذا المعنى للفعل من أيّ فاعل كان سواء في الأفعال ، أو الأحكام لو رجّح الفاعل المختار الفعل على التّرك أو العكس من غير مرجّح عقلائي ، فعل فعلا قبيحا عند العقلاء يوجب ذمّ فاعله عندهم ، فالمورد للقبح غير المورد للاستحالة. فإذا لم يكن للفعل الممكن مرجّح أصلا فهو محال لا قبيح ، وإذا كان له مرجّح لا يجوّز العقلاء